استعرض معهد أمريكي في تقرير جديد جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والتحديات التي تواجهه في ظل ما يجري من أحداث وبالتزامن مع التصعيد العسكري في مدينة الحديدة (غرب اليمن).
وقال تقرير معهد دول الخليج العربي في واشنطن ترجمه موقع "يمن شباب نت" حالياً يسابق غريفيث الزمن في الوقت الذي يحاول فيه إقناع الأطراف الرئيسية في الصراع بالدخول في محادثات قبل أن يحدث شيء خاطئ ويحتدم صراع الجميع في حرب لا يمكن لأحد أن يحقق فيها الانتصار.
وأضاف التقرير الذي أعده الباحث ستيفن سيش (نائب الرئيس التنفيذي لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، وسفير الولايات المتحدة السابق في اليمن) حتى الآن تثير فكرة الهجوم العسكري على الحديدة بعض الشكوك بما في ذلك من جانب بعض كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وأشار "في الواقع ونظراً للعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فإنه من غير المرجح أن يجري أي هجوم على الحديدة دون الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، الامر الذي لم يتم منحه بعد".
ويعيد "يمن شباب نت" نشر نص ترجمة التقرير
إذا كان يبدوا أن مارتن غريفيث في عجلة من أمره هذه الأيام فلديه أسبابه إذ أنه يسابق باعتباره المبعوث الاممي الخاص لليمن، حدوث تصعيد عسكري ربما يأتي من جانب أي طرف من الأطراف المتحاربة في صراع ذلك البلد، الأمر الذي من شأنه أن يكبح بالتأكيد جهوده لإعادة إحياء عملية السلام المحتضرة.
ومنذ توليه مهامه فلقد كان غريفيث مشغولاً بلقاء ممثلي أطراف النزاع وبعض اللاعبين الداعمين بما في ذلك مسؤولين بارزين في الإدارة الامريكية. وفي كل محطة، لا شك في أن غريفيث يدافع عن ضبط النفس بكلمات تردد صدى تلك التي استخدمها في أبريل عندما أبلغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن " الحل السياسي لإنهاء هذه الحرب متاح بالفعل" في حين حذر من أن القيام بعملية عسكرية غير حكيمة "ربما تقضي على جهود السلام من على الطاولة".
إن الأحاديث الإعلامية المسعورة التي تدور في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحيط احتمالية هجوم التحالف الذي تقوده السعودية على ميناء الحديدة الاستراتيجي، لن تفعل شيئاً لتهدئة مخاوف المبعوث الاممي حيث تستولي على المتابعين والمعلقين احتمالية نشوب معركة ضارية لتحرير ميناء البحر الأحمر الرئيسي في اليمن والذي ظل بالفعل منذ أكثر من عام نصب أعين المخططين العسكريين للتحالف حيث أن مثل ذلك الهجوم ربما كان حدث بالفعل لولا القلق الدولي القوي من أن يكون له تداعيات كارثية قد تقود إلى تعطيل العمليات في الميناء التي يمر عبره 80 في المائة من المساعدات الغذائية والإنسانية المخصصة للسكان اليمنيين المحاصرين مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة التي لطالما سميت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
حتى الآن تثير فكرة الهجوم العسكري على الحديدة بعض الشكوك بما في ذلك من جانب بعض كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب إذ أنه في الواقع ونظراً للعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فإنه من غير المرجح أن يجري أي هجوم على الحديدة دون الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، الامر الذي لم يتم منحه بعد.
وفي الوقت نفسه فإن أي تحفظ في هذا الصدد سوف يكون متوازيا وبتوازن ً مع رغبة إدارة ترامب في إظهار دعم قوي ومتواصل للجهود التي يبذلها أقرب حلفائها العرب الخليجيين للرد على المغامرة الإيرانية في المنطقة ويعد هذا الامر صحيح في اليمن على وجه الخصوص حيث لطالما احتجت السعودية والإمارات العربية المتحدة بأن المتمردين الحوثيين هم قوة إيرانية بديلة وهي وجهة نظر تتقاسمها معهم الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن.
ربما أنه وبسبب المخاوف الإنسانية فقد تحول تركيز المخططين العسكريين للتحالف إلى الاستيلاء على الميناء فقط والذي يقع شمال غرب مدينة الحديدة. فالقوات الخاصة الإماراتية المدعومة بميليشيات يمنية تم تدريبها محليًا وعناصر من الحرس الجمهوري الذي أعيد تشكيله مؤخرًا بقيادة طارق صالح ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كانت تتحرك ببطء على طول الساحل وقيل إنها تقدمت ضمن نطاق 20 كيلومتر من الحديدة.
وكجزء من هذه العملية ادعت الإمارات في وقت سابق من مايو/ أيار أنها نفذت هجوماً برمائياً ناجحاً على مركز للقيادة والتحكم يسيطر عليه الحوثيون في محافظة الحديدة مما أدى إلى تدمير المنشأة وقتل عدد كبير من المقاتلين المتمردين حيث أن مثل هذا الانزال البرمائي من المحتمل أن يكون ضمن سياق أي محاولة لاستعادة السيطرة على الميناء.
ما إذا كان الهدف من شن هجوم بري على الميناء أو المدينة أو ببساطة تطويق الحديدة وقطع خطوط الإمداد عن المقاتلين الحوثيين المتواجدين هناك، لايزال غير واضح. إذ يبدوا أن السعوديين يعتقدون أن سكان المدينة منزعجون كثيراً في ظل حكم الحوثي القمعي حيث أنهم في ظل هذه الفرصة سينهضون في تمرد مسلح ويكسرون سيطرة المتمردين على المدينة.
يمكن للحديدة المحررة أن تكون مقراً لحكومة الرئيس اليمني المنفي عبد ربه منصور هادي التي تم نفيها من مدينة عدن الجنوبية من قبل المقاتلين الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي ذا النزعة الانفصالية الذي من المفارقات أنه يتمتع بدعم الإمارات.
يجب على غريفيث أيضا أن يضع في الحسبان بعناية، الأخبار التي تقول بأن إدارة ترامب طلبت من الكونجرس أن يدرس بيع أكثر من 120 ألف ذخيرة من الاسلحة الموجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وهي صفقة قد تبلغ قيمتها نحو ملياري دولار.
ومنذ مارس / آذار 2015 فقد أسفرت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف على اليمن عن سقوط الآلاف من الضحايا المدنيين وأدت إلى شل البنية التحتية الضعيفة بالفعل في اليمن - بما في ذلك مرافق معالجة المياه - الأمر الذي أدى بدوره إلى أسوأ تفشي للكوليرا في التاريخ الحديث.
وبضمانه الحصول على إمدادات جديدة من الذخيرة الموجهة بدقة، فإن التحالف يمكن أن يتشجع للحفاظ على أو حتى زيادة وتيرة العمليات في حملته الجوية خاصة وأن السعوديين مقتنعون بأن الحوثيين لن يعودوا إلى طاولة المفاوضات إلا تحت الضغط. ومن غير الواضح ما إذا كان الكونجرس سيوافق على مثل هذه الصفقة في مرحلة حساسة من الصراع.
ففي عام 2017 شهد مجلس الشيوخ أربعة أصوات معارضة لخطة لبيع ما قيمته 500 مليون دولار من الذخيرة دقيقة التوجيه PGMs إلى المملكة العربية السعودية.
وفي وقت سابق من مايو ايار أقرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ قرارا من الحزبين، سيقطع الدعم الامريكي للتحالف الذي تقوده السعودية إذا لم يستطع البيت الابيض تقديم ضمانات بأن الرياض تبذل كل ما في وسعها لتقليل عدد الضحايا المدنيين وايجاد حل تفاوضي للحرب.
وبالطبع فإنه وفي خضم صراع يمتلئ بالمفارقات العجيبة، فقد تبين أن استخدام قوات التحالف للأسلحة دقيقة التوجيه التي صنعتها الولايات المتحدة والتي صممت من أجل قصف المتمردين الحوثيين لإخضاعهم، غالباً ما يثير رد فعل معاكس تمامًا حيث يطلق الحوثيون صواريخ باليستية إلى عمق الأراضي السعودية نتيجة لتعديلات تخص تطوير وزيادة مدى الصواريخ قدمتها إيران.
ولغاية الآن فقد جرى اعتراض هذه الصواريخ أو ربما أخطأت أهدافها ولكن احتمال أن يضرب المرء منطقة مكتظة بالسكان هو مجرد نوع من السيناريو الذي يبقى على استمرارية غريفث في مهمته. كما أن تلك ليست هي الطريقة الوحيدة التي قد تمكن الحوثيين من دفع الحرب في اليمن باتجاه دوامة من التصعيد.
ففي عام 2016 أطلق المتمردون النار على مدمرة بحرية أمريكية عدة مرات كما استخدموا الطائرات بدون طيار لمهاجمة الحركة التجارية وسفن حربية تابعة لقوات التحالف ترابط قبالة سواحل اليمن. وفي حال قرروا (الحوثيون) المحاولة مرة أخرى ونجحوا في ذلك فإن احتمالات اندلاع الحرب في اليمن ستنمو باطراد.
وقد تحسنت جهود غريفيث لاستئناف مفاوضات السلام من مصدر غير متوقع مطلع الأسبوع الحالي حيث قال نائب وزير الخارجية الإيراني إنه وكجزء من مناقشاته مع الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي الدولي، فإن إيران مستعدة لمناقشة اليمن "بسبب الازمة الانسانية هناك".
فيما نقلت تقارير خلال هذا الأسبوع عن مسؤولين أوروبيين زعموا أن المحادثات قد شهدت تقدمًا كبيرًا وأنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح. ومن المقرر أن تستأنف تلك المحادثات في منتصف يونيو تقريباً في نفس الوقت الذي قال فيه مبعوث الأمم المتحدة بأنه يريد عرض خطته لمحادثات السلام.
حالياً يسابق غريفيث الزمن في الوقت الذي يحاول فيه إقناع الأطراف الرئيسية في الصراع بالدخول في محادثات قبل أن يحدث شيء خاطئ ويحتدم صراع الجميع في حرب لا يمكن لأحد أن يحقق فيها الانتصار.
*لقراءة التقرير من موقعة الأصلي إضغط هنا
أخبار ذات صلة
الخميس, 31 مايو, 2018
المبعوث الأممي يبدأ جولة أخيرة للقاء الأطراف اليمنية قبيل عرض خطة سلام
الأحد, 22 أبريل, 2018
خارطة سلام" في زمن قياسي.. هل وصل "غريفيث" لجوهر أزمة اليمن؟
الثلاثاء, 15 مايو, 2018
المبعوث الأممي لليمن: نحرز تقدما جيدا وسأقدم إطار عمل المفاوضات لمجلس الأمن في يونيو القادم