مع اقتراب انطلاق نهائيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم بعد أيام، أجمع خبراء ولاعبون دوليون سابقون على أن المنتخب الجزائري، الملقب بـ"محاربي الصحراء"، يمتلك أوراقا تؤهله إلى الذهاب بعيدا في تلك البطولة، وربما اقتناص اللقب الثاني، شريطة توافر الرغبة والتحضير البدني والنفسي المناسب، والقدرة على إدارة المباريات بشكل جيد، والثبات الدفاعي في مواجهة المنافسين، مع عدم الاعتماد على الموهبة فقط.
النسخة الـ31 من هذه البطولة القارية ينتظرها عشاق الساحرة المستديرة داخل وخارج القارة السمراء، وتقام في الغابون بين يومي 14 يناير/ كانون ثان الجاري و5 فبراير/ شباط المقبل، بمشاركة 16 منتخبا، بينها 4 منتخبات عربية.
بقيادة المدرب البلجيكي، جورج ليكانس، يخوض المنتخب الجزائري معسكر إعداد في العاصمة الجزائر، تمهيدا لمواجهات المجموعة (باء)، التي تضم كلا من الجزائر، وتونس، والسنغال وزيمبابوي، وتلقتي الجزائر والسنغال، منتصف الشهر الجاري، في افتتاح مباريات تلك المجموعة، ثم تلعب الجزائر مع تونس، يوم 19 يناير/ كانون ثاني الجاري، وبعدها مع السنغال يوم 23 من الشهر نفسه.
إعداد موريتاني
استعدادا للعرس الكروي الإفريقي، فازت الجزائر على موريتانيا بثلاثة أهداف مقابل هدف، في مباراة ودية، أقيمت أول أمس السبت، على ملعب مصطفى تشاكر في البليدة (50 كم جنوب غرب العاصمة)، على أن يخوض المنتخبان مباراة ودية ثانية غدا الثلاثاء.
وعلى هامش تدريب المنتخب، قال لاعب وسط الجزائر، مهدي عبيد، في تصريحات لصحفيين، إن "المبارتين الوديتين مع موريتانيا مهمتان للمنتخب لنكون في لياقة جيدة.. أغلب لاعبي المنتخب لعبوا (بصفة أساسية) مع أنديتهم، وهذا جيد حتى نكون جاهزين لنهائيات كأس إفريقيا".
زميله في وسط الميدان، سفير تايدر: قال هو الآخر: "حاليا نحن نقوم بالتحضيرات، أمامنا أيام قبل أول مباراة في النهائيات.. نعمل بجد، وهناك حصص صعبة، ولكن هذا جيد بالنسبة إلى المجموعة، حتى نكون جاهزين".
2017.. سنة استدراكية
بشأن مستوى المنتخب الجزائري، قال الصحفي الجزائري المتخصص في الشأن الرياضي، محمد بوخمية، للأناضول، إنه "بعد سنة صعبة مرت على المنتخب الجزائري، ونتائجه السلبية في التصفيات المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018، أظن أن 2017 ستكون سنة استدراكية للمنتخب، إذ يوجد طاقم فني جديد، وتغييرات على مستوى تعداد (عناصر) المنتخب، أظن اليوم أن المشروع بدأ مجددا".
الجزائريون يعلقون آمالا كبيرة على البطولة القارية، بعد أن تضاءلت فرص بلوغهم كأس العالم، حيث يتذيل "محاربو الصحراء" مجموعتهم في المرحلة النهائية من التصفيات برصيد نقطة واحدة من مباراتين، بينما يتصدر المنتخب النيجيري بست نقاط.
وكان المنتخب الجزائري فاجأ عشاق الساحرة المستديرة بعروض رائعة في كأس العالم باليرازيل 2014، حيث تأهل إلى الدور الثاني، لكن منتخب "الماكينات" (ألمانيا) فاز عليه بصعوبة، قبل أن يتوج باللقب على حساب البرازيل (راقصو السامبا).
إمكانيات جزائرية
بحسب اللاعب الدولي الجزائري السابق، عبد الحكيم سرار، فإن "حظوظ محاربي الصحراء قائمة، والطموح مشروع للمرور إلى الأدوار المتقدمة، وربما العودة بالتاج القاري".
سرار، الذي توج مع المنتخب الجزائري باللقب الإفريقي الوحيد عام 1990 في الدورة التي احتضنتها الجزائر، أضاف، في تصريح للأناضول، أن "الفريق الجزائري بالفعل مرة بفترة صعبة، ودخل في أزمة نتائج وثقة بالنفس، لكنني متفاءل بتحقيق محاربي الصحراء نتيجة إيجابية".
الدولي الجزائري السابق تابع أنه "إذا كان البعض، وربما أكثر من نصف الجزائريين، متشائمين، فإن كرة القدم علمتنا أنه عندما يكون الجمهور متشائما تكون ردة فعل اللاعبين إيجابية جدا".
وحول الأحوال المناخية وإقامة البطولة في الغابون، قال إن "العالم صار قرية صغيرة، وكل صغيرة وكبيرة تبث على المباشر، والكولسة الخفية (إمكانية التلاعب) تراجعت، والتحكيم تحسن.. على لاعبينا التأقلم مع الظروف المناخية في إفريقيا وتسيير (تنظيم) الجهد البدني بذكاء خلال المباريات.. هذه (مكان إقامة البطولة) تبقى عوامل يمكن الاختباء وراءها عند إخفاق".
وبحسب، نجم فريق "وفاق سطيف" السابق، فإن المنتخب الجزائري "يمتلك إمكانيات لاختراق دفاعات أي منتخب إفريقي وتسجيل الأهداف، كما الثبات الدفاعي سيكون عنوانا للمضي إلى أبعد دور ممكن، لاسيما وأن عامل الخبرة سيكون في صالح محاربي الصحراء، كون جل اللاعبين من المخضرمين، رغم تطعيم التشكيلة بلاعبين صغار السن".
الموهبة وحدها لا تكفي
فيما رأى الدولي الجزائري السابق، محمد شعيب، أن حظوظ الجزائر في الفوز باللقب "قائمة كما بقية المنتخبات الـ15 الأخرى".
شعيب أضاف أن "الموهبة لم تكف محاربي الصحراء للذهاب بعيدا والتتويج بالكأس الإفريقية.. التشكيلة غنية بالمواهب، لكن الموهبة وحدها لن تكفي، إذ يجب توفر الرغبة والتحضير النفسي
والبدني والقدرة على تسيير (إدارة) المباريات".
شعيب، الذي عمل سابقا كمساعد لمدرب المنتخب الجزائري، تابع أن "الحديث تركز مؤخرا على المنتخب التونسي، منافس الجزائر في المجموعة، لكن الخطر والخصم الحقيقي هو منتخب السنغال".
زيمبابوي مفتاح التأهل
أما الصحفي المتخصص في الشأن الرياضي بالإذاعة الجزائرية (حكومية)، عبد الغني العايب، فرأى أن "حظوظ المنتخب الجزائري، على الورق، تبدو ممكنة للتأهل إلى الدور الثاني على الأقل".
هذا التفاؤل أرجعه العايب إلى "المنتخب تصدر لسنوات طويلة ترتيب (الاتحاد الدولي لكرة القدم) الفيفا لأحسن المنتخبات الإفريقية، وكذلك من حيث الأداء واللاعبين".
العايب اعتبر أن "مواجهة زيمبابوي هي مفتاح التأهل.. بعدها دربي صعب مع تونس، لكن على الورق يبقى منتخبا الأحسن.. منتخب السنغال هو الخصم الذي يتخوف منه محاربو الصحراء، فهذا المنتخب عاد بقوة وأصبح رقم 1 في القارة السمراء".
وحول حظوظ المنتخب المنتخب الجزائري في ظل إقامة البطولة في الغابون، قال الصحفي الجزائري إن "المنتخب الجزائري والمنتخبات المغاربية عموما لا تتمكن عادة من التتويج في أدغال إفريقيا".
العايب مضى موضحا أن "المنتخبات المغاربية، ومنتخبات شمال إفريقيا عموما، تتأثر سلبا بالظروف الإفريقية، مثل الحرارة الشديدة والرطوبة المرتفعة"، خاتما بأنه "بدون عاطفة، كل النقاد وكل المنافسين، يرشحون المنتخب الجزائري لبلوغ أدوار متقدمة" في البطولة الإفريقية.
ووفق خبراء جزائريين، فإن حظوظ "محاربي الصحراء" تعتمد كثيرا على ما يمكن أن يقدمه نجما فريق "ليستر سيتي" الإنجليزي، رياض محرز، وإسلام سليماني، لاسيما في ظل مستوى محرز، الفائز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، لدوره في فوز "ليستر" المفاجئ بالدوري الموسم الماضي.