القحطان وأنا مواقف وكواليس


فؤاد الحميري

أولاً - القحطان:
الاستاذ القائد محمد قحطان.. سابق زمانه.. وفائق أقرانه، الرجل الذي تمثلت فيه النقلة (الإصلاحية) من الجماعة إلى الحزب. ومن الدعوة إلى الدولة. ومن (التجمع) إلى المجتمع، ومن حالة (التوحد) والضدية، إلى الشراكة والندية.
 
بُعد نظر، وسعة أفق، وقوة منطق، وشجاعة موقف. قَلّ أن تجدها مجتمعة في رجل واحد. خاصة إن كان ممن يتعاطون السياسة، وعلى عكس الكثيرين من قيادة الإصلاح الذين يلحقون الحزب في تصريحاتهم ومواقفهم، كان قحطان سابقا لا لاحقا. الأمر الذي قدّم الحزب مبكراً بصورة أفضل - سياسيا - مما هو عليه في الواقع يومها. الأمر الذي انعكس إيجاباً على الفكر والأداء السياسيين للحزب تالياً.
 
وقد جمع حوله مجموعة من الشخصيات الاصلاحية الفذة والمتميزة سياسيين وبرلمانيين وحقوقيين وإعلاميين. مكوناً بهم ومعهم مدرسةً تجديديةً في السياسة (الإصلاحية) خاصة، كما جمع حوله أمثالهم من الشخصيات المؤثرة خارج الحزب سواءً من القيادات الحزبية أو المستقلين. مكونا بهم ومعهم مدرسة تجديدية في السياسة اليمنية عامة.
 
ثانياً - وأنا:
1) في المؤتمر العام للإصلاح واثناء إلقائي لقصيدتي (قل لي لماذا اخترته يا صاح.. أولم تجد حزبا سوى الإصلاح) حدث أن قام المدعو على جار الله باغتيال القائد الاشتراكي الكبير وشريك قحطان في هندسة اللقاء المشترك الشهيد جار الله عمر.
 
ومع سيادة الهرج والمرج حينها - وقبل أن تتضح لنا نحن الذين نقف على منصة المؤتمر حقيقة ما حدث - جاءني القحطان غاضبا ومعاتبا لي على نوع الخطاب الذي تبنته القصيدة - رغم أنها لم تخرج عن الفخر بالانتماء والاعتداد بالذات - معتبراً إيّاه تقوقعاً في الماضي. يمنع تموقعاً في الحاضر شرطه تفهم المختلِف، والانفتاح على الآخر. ورغم توقفه عن العتاب بتأكيدي له - وتصديق من حولي - على إقرار القصيدة رسميا. إلا أنني اليوم أقرّ انه كان محقاً.
 
2) في الوقت الذي كان لقيادة الإصلاح - رغم دعمهم المتواصل لي وتشجيعهم إياي - مواقف رافضة من بعض قصائدي المُصنّفة - سياسياً - في خانة (الجنون الثوري) والتي حَمَلت الأستاذ اليدومي على أن يمازحني ذات يوم قائلاً: عادك مجنون أو قد عقلت؟ في ذلك الوقت كان القحطان يشجعني على مثل تلك القصائد مع إبداء ملاحظاته التي لا تقدح في الفكرة، ولا تغيّر من النبرة.
 
3) كتبت أبياتا أسخر فيها من احتفال (الدنجوان) يحيى صالح بعيد ميلاده. فاتصل بي القحطان قائلاً: أنت أكبر من هذه المواضيع وأصحابها فلا تنزل إلى مستواهم.. لكن الأبيات كانت قد نزلت على النت وسارت بها الركبان.
 
4) بعد نقاش ساخن في فريق (الحكم الرشيد) بمؤتمر الحوار الوطني حول تقاسم المناصب العليا بين الشمال والجنوب انتهى بترامي مندوبي الحراك والمؤتمر الشعبي بقناني المياه والكراسي. فوّض الفريق الأمر إلى ثلاثة: دكتور /حلبوب عن الحراك، ودكتور راصع عن المؤتمر، وأنا عن بقية مكونات الفريق. وخرجنا بمادة تقاسم المناصب العليا بالمناصفة بين الشمال والجنوب 50 / 50.
 
إيماناً مني بمظلومية اخوتنا في الجنوب دون أن أرجع في ذلك إلى قيادة مكون الإصلاح بالمؤتمر ممثلة في القحطان. وحين ألتقيته - بعدُ - وأخبرته بما اتفقنا عليه. قال: حتى لو اتفقتم على 60 للجنوب و40 للشمال لما اعترضنا. فلابد من خطوات جادة ينتصف بها الجنوبيون وتطيب قلوبهم.
 
5) بعد المعركة الحوارية في فريق الحكم الرشيد حول مادة العزل السياسي وطلب لجنة التوفيق من الفريق إعادة المداولة حولها وضمهم إلينا كل من الدكتور ياسين سعيد نعمان وتوكل كرمان والقحطان. - وكنا قد استطعنا في الفريق أن نكوّن صفاً واحداً متوافقا على إقرار المادة في مواجهة مكون المؤتمر الشعبي الذي بقي وحيدا - أقترح القحطان مقترحا باسم الإصلاح كان من شأنه أن ينهي التوافق الذي بنيناه كفريق.
 
الأمر الذي دعاني للوقوف ضد مقترح أستاذنا قائلاً: " فريق الحكم الرشيد هو وحده المسؤول عن قراراته وفق اللائحة. وأنا من أمثل الإصلاح في الفريق. وإن كان لأي حزب ملاحظات على قراراتنا كفريق فليطرحها رسميا في اللجنة المشكلة من المكونات السياسية لهذا الغرض وليس هنا".
 
وبينما ظن البعض هذا الموقف تعبيرا عن صراع أجيال داخل الإصلاح. منتظرين ما يؤكد ظنهم. كان تسليم القحطان وعدم اعتراضه هو الرد الذي لم يتوقعوه. لينتهي الاجتماع بإقرار المادة التي توافقنا عليها جميعا بما فينا المؤتمر الشعبي قبل أن يرتد قادته معترضين بعد ذلك.. ولات حين اعتراض.
 
ثالثاً - لماذا قحطان؟
الاسلوب الممتلئ حقداً وفجورا في التعامل مع القحطان من قبل طرفي الانقلاب. كان له العديد من الحيثيات الظاهرة والباطنة. وسأكتفي هنا بالباطن لخفائه. فقبيل اقتحام صنعاء وفي لقاء خاص جمعني بالقيادي الحوثي / علي العماد. أخبرني بأنّ معلوماتهم تفيد أنّ الإصلاح هو من يقف ضد اندماج الحوثيين في الحياة السياسية.
 
 وذكر لي أن أحد قيادات المشترك الكبار - أتحفظ عن ذكر اسمه - قد أكد لهم في لقاءات خاصة أن محمد قحطان تحديداً هو من يغري بهم رئيس الجمهورية. ويقف ضد إشراكهم في القرار السياسي. وهو ما لم آخذه - يومها - على محمل الجد. معتبراً إياه محاولة لدق إسفين بين مكونات اللقاء المشترك لا ينبغي أن يُسمح به.
 
لتأتي - بعد ذلك - مواقف القحطان المعروفة في حوارات الموفنبيك. وصومه عن الحوار حتى الإفراج عن الرئيس الخاضع وقتها لإقامة جبرية. وتجميده بذلك لأجندة (بن عمر) المشرعنة لاقتحام صنعاء والانقلاب. لتفجر بركان غضب الانقلابين عليه. ذلك الغضب الذي عبّر عنه المُشرعِن الاممي أصرح تعبير في المكالمة المُسرَّبة الأشهَر.
 
كما عبّر عنه الانقلابيون - بعد ذلك - أوقح تعبير باختطافهم القحطان. وإخفاء أثره. والتكتم على أي معلومة تشير إليه، أو تدل عليه. ليحوّلوه بذلك من شخصٍ إلى رمز. ومن قائدٍ إلى زعيم. ومن سياسي معتبر، إلى مهديّ منتظر (عجل الله فرجه).
 
 
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر