يعتقد بعض الصحافيين اليمنيين المتواجدين في الخارج، ان بقاءنا في اليمن في صنعاء تعني بالضرورة اننا حوثيون، البعض يتحدث من جنيف او اسطنبول او اي بلد انه لكوننا مازلنا احياء، لكوننا لم نُعتقل او نعذب، فنحن كذلك، واعرف انهم يدركون مدى تحررنا لكن خطابهم يحمل كمية ادعاء مريعة؛ انهم جيدون حين يكون الأخير ليس كذلك.
لنفكر قليلاً ببعض المهازل، ربما يأتي أحد الأمعات المتواجدين في الرياض، ليصفنا بباعة الوطن. نحن الذين لم نرتهن لسفارة او طرف سياسي، فقط لأننا مازلنا احياء، ونغني ونقاتل وسط حياة مثقلة بالخوف والحرب واللاإنسانية، سيقول لنا اننا خونة، البعض يغطي خياناته بتخوين الآخرين. لدي اصدقاء كثيرون في الخارج، وهناك اشخاص رائعون لا اعرفهم، يحبون ارضهم، لهذا مشاعرهم مع بلدهم وناسها.
لكن هنا في صنعاء مازال الكثير من اصدقاءنا الصحفيين وغيرهم، هم الأجمل والأكثر صدقاً ليس لأنهم لم يغادروا فلكل منا خياراته، وليس من المعيب ان تبقى او تهاجر. لكننا هنا وسط احتمالات الموت، ولن يمنعنا الخروج منه.
إذا كانت زلة لسان، او تعبير أحمق يفتقر صاحبه لامتلاك ناصيته الصائبة، سأعذره حين يتحدث انه لم يبق في صنعاء صحفي معارض للحوثي. الا ان خطاب ادعاء كهذا يريد القول انني وحدي بائع الصكوك. خلقت الحرب هذا الكم من الادعاء.
قبل أشهر مثلاً، كتب زميل يقول انه لم يبق في صنعاء صحافي الا حوثيون او يعملون معهم. الا ان هذا الزميل للأسف عمل معهم لسنوات. واليوم تتحكم مصالحه ببعض مواقفه، لن الغي صدقه كلياً. وهم لا يشعرون بمعاناة ما يعيشه اليمنيون هنا، لأن بعض صحافيي اسطنبول أعلنوا استياءهم من تقاعس سكان صنعاء عن الانتفاضة. اليس عليهم ان يعودوا ليكونوا في اول صفوف الانتفاضة.
لكن الكثير من الصحافيين هنا، بلا اعمال، بعد ايقاف الصحف، ولأن الكثير منهم غير مستعد ليعمل في صحف محسوبة لهذا الطرف. ولأن ظروف الحياة قد تجبر بعضهم على العمل ايضاً دون ابتذال مواقفهم كما متنطعي الخارج.
كل هذا لأننا مازلنا احياء. اعرف ان البعض يريد المتاجرة بجثث الضحايا من الصحفيين وبمعاناتهم، لهذا يريدوننا ان نموت، او نعذب ونعتقل، لتكون قائمتهم مليئة فقط لأجل اغانيهم في المحافل الدولية.
جريمتنا اننا باقون، وربما خطأ الحوثي انه لم يقتل كل معارضيه. مع ان الصحفي ناقل حقائق، ولا ينتقي حقائق تتوافق مع اهواء طرف يعمل لأجله.
لأننا مازلنا احياء، كان علينا ان نموت ليمجدونا كأبطال، ويتاجرون بذكرى معظمها لن تكون لنا.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً