يعد كتاب اليمن الإنسان والحضارة للقاضي عبد الله عبد الوهاب المجاهد الشماحي، واحد من أفضل الكتب التاريخية المختصرة في تاريخ اليمن القديم والمعاصر ويعد بحق مرجع ثقافي وتاريخي لا غنى عنه لأي مثقف وسياسي وباحث أيضاً لأسلوبه السهل والشيق والممتع في آن لإسهابه غير المخل بعيدا عن الإطناب الذي يضيع الفائدة المرجوة من الكتاب.
يطوف الكتاب في تاريخ الممالك اليمنية القديمة قبل الإسلام ثم الدويلات اليمنية بعد الإسلام متتبعا الحياة والنظام الاجتماعي الذي يتمتع به الإنسان اليمني وقابليته الكبيرة للتمدن والتحضر وانصياعه لقيم الدولة وقوانينها باعتبارها رابطة حضارية للقيم والعيش المشترك بين أبناء المجتمع الواحد.
يحاول الشماحي بهذا الكتاب تتبع تطور الحياة الاجتماعية والسياسية وموقع الإنسان اليمني فيها ودوره الحضاري في سياق هذه التحولات السياسية من حوله وكيف لعب أدوارا كبيرة في تذليل هذا البلاد وصعوباتها وجعلها محط أنظار الجميع مطلقين عليها بأرض العرب السعيدة لما امتازت به من زراعة وحضارة وعمران قل وجوده في غيرها من بلدان جزيرة العرب.
يتتبع الكتاب كل هذه المسيرة الحضارية لليمن قديما وحديثا غير غافلا فترة الانحطاط والإعاقة الحضارية التي أصبت بها اليمن جراء دويلة الرسيين الهادويين التي مثلت حالة إعاقة لليمن وتراجع حضاري كبير لها، خلال قرون ما بعد قدوم الرسي لليمن.
يركز الكتاب بشكل كبير على تتبع الهوية اليمنية التاريخية والحضارية التي نقلها اليمنيون حيثما حلوا وارتحلوا وبأنهم ظلوا متمسكين بهويتهم حتى وهم حكام في قصور كندة والحيرة والأندلس.
الكتاب شيق وثري بالمعلومات التاريخية التي قدمت بشكل رائع وجذاب يستحق القراءة لما يمثله من مادة مهمة يجهلها الكثيرون اليوم في سياق معركة الهوية التي تمر بها اليمن بفعل جائحة الإمامة التي عادت بعد نصف قرن لتعيد تشكيل هوية اليمن الحضارية إلى هوية مذهبية سلالية صغيرة وسخيفة، وختامًا الكتاب موجود ومتوافر في الإنترنت.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
غير المنظور في الأزمة اليمنيّة
التنوير المجني عليه عربياً
إيران وإسرائيل وشفرة العلاقة