قبل أكثر من عام تقريباً كتبت عن التوسع الممنهج الذي كانت تنفذه كتائب أبو العباس الإرهابية في المناطق المريحة والمحررة من مدينة تعز، في توجه واضح لوضع اليد على معظم المناطق المحررة.
تلك كان خطة مكشوفة ومدعومة من الامارات والتحالف، وتطبيق حرفي لما جرى في عدن، حيث تحول المقاومون بعد أن أنجزوا مهمتهم إلى طرف مستهدف عسكرياً وسياسياً من طرف التحالف، هذا الشريك الأسوأ في تاريخ التحالفات التي شهدتها المنطقة.
معظم الردود المتشنجة على المنشور الذي كتبته حينها جاءت من زملاء ينتمون للتيار الناصري، الذين يبدو أنهم رموا بكل أحلامهم وتطلعاتهم تحت أقدام هذا السلفي المدخلي الذي أنتجته الآلة الاستخبارية السعودية عبر معهد دماج.
وعجبتُ حينها ولا زالت كيف حدث هذا الاتحاد بين نقيضين أيديولوجيين ولديهم إرث ثقيل من الخصومة التاريخية بعضها شهدنا تجلياته على الأرض اليمنية.
لا يزال عدد من كتبة هذا التيار يرهنون أقلامهم لخدمة أبي العباس ومجاميعه المسلحة الإرهابية، ويواصلون دعم مخططه للهيمنة على المدينة وفتح جبهة حرب استنزاف للجيش الوطني الذي يواجه حصاراً حوثياً للمحافظة لا يزال مستمراً حتى اليوم.
مر نحو أسبوع تقريباً وكتائب أبو العباس تقاوم خطة الانتشار الأمني التي أقرتها اللجنة الأمنية برئاسة محافظ تعز أمين احمد محمود الذي جاء إلى المحافظة مخفراً بحراسة إماراتية في مشهد دراماتيكي أرادت أبوظبي من خلاله أن تقدمه فاتحاً جديداً لتعز.
يعيش المحافظ أمين أحمد محمود الذي نتمنى له التوفيق والنجاح ما دام يعمل لصالح تعز، يعيش وضعاً لا يحسد عليه، بين أن ينفذ إرادة السلطة الشرعية الذاهبة بقوة نحو إنهاء حالة الفوضى الأمنية والاغتيالات واستعادة المقرات وفرض القانون، وبين أن يسكت عن تمرد كتائب ابو العباس إرضاء للإمارات.
التناقض ذاته يقع فيه تحالف الرياض-أبوظبي الذي أضاف أبو العباس إلى لائحة الإرهاب، تماشياً مع الإرادة الأمريكية وتأسيساً على معطيات لا يمكن تجاهلها بشأن رعاية هذا السلفي المتشدد لعناصر مسلحة تنتمي إلى القاعدة وداعش جرى تصديرها من المحافظات الجنوبية، وبعضها تم إعارته من أجهزة المخلوع صالح السابقة.
ما يثير الشفقة هو أن تتورط أحزاب بهذا القدر من الوقاحة في دعم ابي العباس والادعاء بأن تمرده على السلطة الشرعية، يمكن إعادة تكييفه على أنه مواجهة بين السلفيين والاخوان.
يبدو أن خطيئة المباركة العلنية لعملية إسقاط صنعاء هي جزء من نهج سياسي مشوه دأبت عليه هذه الأحزاب التي تقتات من الماضي، وفيما هي تنقرض لا تزال مصرة على تصفية حسابها مع خصوم أيديولوجيين لحسن الحظ أن التاريخ وضعهم في الجانب المشرف من المواجهة التاريخية الحاسمة.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
عن الاعتداءات الصهيونية على الحديدة يوم السبت!
خارطة الطريق اليمنية إلى جحيم الحرب الحقيقية
لماذا كل هذا الرهان على مفاوضات مسقط الإنسانية الاقتصادية؟!