الآن .. وقبل الآن .. وبعد الآن ليس يحضرني سوى نكهة الموت مُذ غرقنا في وحل من يزرعون الشتات .. الموت بملوحته وعذوبته .. نعم ملوحة الموت حين تعلق في الحلق غصة الفقد لأناس بحجم الوطن، وعذوبته حين يتعلق الأمر بشرف الأوفياء وشجاعة الأبطال ، نعم الوفااء والشجاعة فقط ..الرجولة التي قرأنا عنها في كتب الأولين.
عندما ذهب سيدنا إبراهيم عليه السلام ليبحث عن الله رأى الشمس فأبهرته وظن أنها الله حتى أفلت قال لا أحب الآفلين! قاعدة بشرية ثابتة متعلقة بديمومة وثبات من نحب ونؤمن به ..
هكذا أيها البطل .. كل القلوب التي تذرف الآن حزنا عليك وفرحا بك أحبتك لأنك لم تأفل ولم تكن من الآفلين في زمنٍ معدٍّ للأفول. وأنت الوحيد الذي لم يحب الأفول ..حتى أضاء لك الدرب كل الشموس.
أحببت الوطن فأحبك ولم تأخذ أكثر مما منحت ..أنت ياأيها الشهم الذي ليس يُنسى .. كل الرمال التي كانت تحف مقامك وأنت تحرس النور من عشاق الظلام ستُخبر عنك .. ستروي أغانيك في ساحة العشق للقادمين وأنت الذي ليس يعشق غير الفداء.
حين تضج القفار باسمك معذورة لا تلام .. ومأرب حين تُطاول باسمك هام النجوم لها كل ذلك فمن أي طينٍ تُرى تصنع هذه الأبية أبطالها؟
لو أنك الآن تصحو لتعرف حجم الدموع التي أغرقت قلوب محبيك وأنت الذي لم تفاجئهم بالرحيل .. وأنت الذي تحدثت عنه كثيرا بشوقٍ كبير .
حكايتك الآن سوف تتلى على مرّ هذا الزمن كي نعلم أبناءنا كيف يكون الرجال وكيف تُصانُ البلاد التي أنجبتهم.
أيها القائد الفذ ..أبناؤك الآن لم يخطئوا ذلك الدرب الذي رسمت لهم كل خطاويه ..ولا ذلك الدرس الذي شرحت لهم كل معانيه. وأنت تغادر أهلك كي تُطعم الشمس عرق جبينك دون انحناء.. تُغلق كل نوافذ قلبك حتى تصل .. تأبى الخضوع لنبضاته المتسارعة فالعهد أولى ..يأتي إليك ذويك /أهل بيتك .. فتصمد! وتُحكم إغلاق تلك النوافذ .. لن تروني! ! العهد أولى .. الأرض أولى .. وطني الأبي الطاهر الحر أولى بكل لقاء ..
العهد أولى! فكنت على العهد! يا سيد الأوفياء ...
سلام عليك حيا وميتا
اقراء أيضاً
26 سبتمبر.. وحدك سيّدُ اليمن
رهينُ المِخْلَبَين
الحرث في تضاريس الخيبة