رغم المساندة الشعبية.. ما أسباب وسيناريوهات قرار مجلس القيادة تأجيل إلغاء تراخيص البنوك؟

[ اجتماع مجلس القيادة الرئاسي ]

كشف مركز بحثي عن الأسباب والسيناريوهات لقرار إلغاء تراخيص البنوك، مشيرا إلى أن الأدوات الاقتصادية تمتلك حضورًا معتبرًا في الحروب التي تعاني مِنها اليمن، بما في ذلك -بطبيعة الحال- الصراع الدائر بين الحكومة الشرعية، المعترف بها دوليًّا، وجماعة الحوثي، منذ عام 2014م.
 
وأشار مركز المخا للدراسات والبحوث، في ورقته البحثية التي حملت عنوان: "تأجيل مجلس القيادة لقرار إلغاء تراخيص البنوك، الأسباب والسيناريوهات"، إلى أنَّ حضور الأدوات الاقتصادية تصاعد على نحو كبير خلال الهدنة الهشَّة التي جرى التوافق عليها منذ أبريل 2022م، خاصَّة بعد أن تمكَّن الحوثيون مِن منع الحكومة الشرعية مِن تصدير النفط في أكتوبر 2022م.
 
ونوه إلى أن تصاعد هذا الحضور بشكل خطير خلال الشهور الأخيرة بفعل مساعي الحوثيين لتجاوز المركز القانوني للحكومة الشرعية، وطباعتهم عملة معدنية جديدة (فئة 100 ريال)، بدلًا عن العملة الورقية التالفة.
 
وحيال ذلك، اتَّخذ البنك المركزي اليمني في عدن سلسلة مِن القرارات، آخرها القرار رقم (30)، بتاريخ 10 يوليو 2024م، والذي قضى بإلغاء تصاريح عمل ستَّة بنوك لم تمتثل لقراراته بنقل مقرَّاتها الرئيسة إلى مدينة عدن؛ كما أبلغ نظام الـ"سويفت" بوقف التعامل معها.
 
وأشار إلى أن هذا ما أدَّى إلى تصاعد التوتُّر بين الحوثيين مِن جهة والحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية مِن جهة أخرى، إذ هدَّد الحوثيون باتِّخاذ عمليَّات عسكرية ضدَّ المصالح السعودية، وهو ما استدعى تدخُّلًا مِن قبل مبعوث الأمين العام للأمم المتَّحدة إلى اليمن، حيث طالب بتأجيل تنفيذ هذه القرارات إلى نهاية شهر أغسطس القادم.
 
وحسب المركز فقد أبدى مجلس القيادة الرئاسي، موافقته المبدئية على الانخراط في مفاوضات بشأن الملفِّ الاقتصادي، وفق شروط محدَّدة. غير أنَّ جماعة الحوثي قابلت ذلك بالرفض. متسائلا عن الأسباب التي أدَّت إلى تأجيل مجلس القيادة لتنفيذ قرارات البنك المركزي؟ وعن السيناريوهات المحتملة حول هذا الملف؟
 
تراجع مجلس القيادة الرئاسي:
 
وحسب المركز، فإنه ورغم التحفُّز الشعبي المساند للقرارات التي اتَّخذها البنك المركزي في عدن، والتطلُّع إلى التداعيات السلبية التي ستتركها على سلطة الحوثيين، وفي ضوء التصعيد الإعلامي والسياسي للأخيرين، بدت مؤشِّرات على تراجع مجلس القيادة الرئاسي عن تلك القرارات؛ فقد كشف مسئول حكومي أنَّ المبعوث الأممي يمارس ضغوطًا كبيرة على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية لإيقاف الإجراءات التي اتَّخذها البنك المركزي، والتراجع عنها.
 
وأضاف المركز، وفي سبيل تهيئة الجماهير لقرار التأجيل، أعلن مصدر حكومي وصول محافظ البنك المركزي، د. أحمد المعبقي، إلى الرياض، وهو ما يفهم مِنه اليمنيُّون غالبًا أنَّه مُقدِّمة لقرارات غير شعبية، وأنَّه خطوة للتراجع عن القرارات.

واستدرك، غير أنَّ محافظ البنك المركزي نفى سفره إلى الرياض، وأعلن "أنَّه يمارس عمله في عدن"، وأكَّد أنَّه على رأس عمله في العاصمة المؤقَّتة عدن، وألَّا صحَّة لأنباء سفره إلى الرياض، واصفا "بعض المصادر حتَّى لو هي حكومية غير مسئولة".
 
وتابع المركز، في 13 يوليو الجاري، نُشِر خطاب المبعوث الأممي إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، د. رشاد العليمي، عبَّر فيه عن قلقه إزاء تعليق تراخيص البنوك الستَّة، وما تبعه مِن تواصل مع البنوك المراسلة، ونظام "سويفت"، الذي سيفضي إلى وقف وصول تلك البنوك إلى البنوك المراسلة ونظام "سويفت".
 
وحذَّر المبعوث الأممي مِن أنَّ قرارات البنك المركزي سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني، وستفسد على اليمنيين البسطاء معايشهم في كلِّ أنحاد البلاد، وأنَّها قد تؤدِّي إلى خطر التصعيد الذي قد يتَّسع مداه إلى المجال العسكري، وحثَّ الحكومة الشرعية والبنك المركزي على تأجيل تنفيذ هذه القرارات، على الأقلِّ إلى نهاية شهر أغسطس المقبل.
 
كما حضَّ على دعم البدء بحوار تحت رعاية الأمم المتَّحدة لمناقشة التطوُّرات الاقتصادية التي وقعت مؤخَّرًا في اليمن بهدف حلِّها، وقال: إنَّ مكتبه سيرسل إلى المتحاورين المعنيين ضمن الحكومة اليمنية، وكذلك ضمن البنك المركزي اليمني، تفاصيل أكثر حول هذا الحوار مع الحوثيين، بما فيها جدول الأعمال.
 
وأبدى مجلس القيادة الرئاسي، في اجتماع طارئ، عقده في 12 يوليو الجاري، موافقته المبدئية على الانخراط في المفاوضات، مشترطًا وجود "جدول أعمال واضح لأيِّ حوار حول الملفِّ الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء الإجراءات التعسُّفية بحقِّ القطاع المصرفي".

وأكَّد المجلس مُضيَّه في ردع الممارسات التعسُّفية لـ"ميليشيا الحوثي الإرهابية"، مع انتهاج أقصى درجات المرونة والانفتاح على مناقشة أيِّ مقترحات، وفُسَّر ذلك باعتباره قبولًا لطلب المبعوث الأممي تأجيل تنفيذ قرارات البنك المركزي التي تحظى بدعم وتأييد شعبي واسع.
 
لماذا وافق مجلس القيادة على تأجيل تنفيذ قرار البنك المركزي؟
 
وعن أسباب موافقة مجلس القيادة على تأجيل تنفيذ قرار البنك المركزي أشار المركز إلى أن تحليل السياق يُظهر أن هناك ثلاثة أسباب تقف خلف موافقة مجلس القيادة الرئاسي المشروطة على طلب المبعوث الاممي تأجيل تنفيذ قرار البنك المركزي بسحب التراخيص عن البنوك المذكورة.
 
وأوضح أن السبب الأول لقرار مجلس القيادة التأجيل هو "وجود تدخل سعودي"، ثانيا، صعوبة تنفيذ القرارات، حيث ينطوي قرار سحب ترخيص البنوك الستَّة، ومنع تعاملها مع نظام الـ"سويفت"، على صعوبات كبيرة تجعل تطبيقه أمرًا شديد التعقيد.

أما السبب الثالث، فهو محاولة تجنب مسار الحرب، بالرغم مِن تأكيد مجلس القيادة الرئاسي مُضيِّه في ردع الممارسات التعسُّفية لـ"ميليشيا الحوثي الإرهابية"؛ إلَّا أنَّ قرار مجلس القيادة الرئاسي فُهم على نطاق واسع بأنَّه تجنُّب لمسار التصعيد الذي قد يُفضي "إلى تصعيد عسكري" -بحسب المبعوث الأممي.
 
وعن سيناريوهات المستقبل، أكد المركز البحثي، إلى أن المؤشرات تدلل إلى أنَّ تطوُّر الأمور في هذا الملفِّ تراوح بين ثلاث سيناريوهات، تتراوح بين بقاء الاشتباك مِن خلال الأدوات الاقتصادية لكن دون أن تتمكَّن السلطة الشرعية مِن فرض قرارات البنك المركزي الأخيرة.

وأضاف المركز، أن السيناريو الثاني يشير إلى أن تنجح الجهود الإقليمية والدولية في دفع الطرفين في مفاوضات تنتج حلولًا تحفِّف مِن حالة الاشتباك، أو أن يتصاعد الاشتباك الاقتصادي ويقود بدوره إلى اشتباك عسكري بين الطرفين.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر