بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا مؤخرا بتحركات لتشكيل قوة عسكرية انفصالية تابعة له في محافظة المهرة (شرق اليمن)، على غرار المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرته، بعد أن فشلت محاولات سابقة عدة خلال السنوات الماضية.
ففي مطلع مارس/ آذار الماضي، أعلنت ما تسمى بالهيئة العليا للجيش والأمن الجنوبي (التابعة للانتقالي) عن مساعيها لتأسيس قوات أمنية وعسكرية من أبناء محافظة المهرة تحت مسمى "قوات دفاع المهرة"، وزعمت أن هذه الخطوة تهدف لتمكين أبناء المهرة في إدارة شؤون محافظتهم.
غير أن هذه التحركات لاقت رفضا شعبيا من قبل أبناء محافظة المهرة، ورفضت شخصيات ومكونات اجتماعية، والتي اعتبرتها "محاولة لاستنساخ الفوضى الأوضاع التي تشهدها مناطق سيطرة الانتقالي، ونقلها إلى محافظة المهرة التي لم تصل إليها الحرب".
وتأتي التحركات المكثفة مؤخرا ضمن صراع النفوذ بين قطبي التحالف في اليمن (السعودية والامارات)، حيث تصاعدت الخلافات بينهما خلال السنوات الماضية، على الأقل فيما يخص تحديد الأولويات في اليمن، وبرز هذا الخلاف مؤخراً بشكل لافت.
تحركات شعبية
في مقابل تحركات المجلس الانتقالي في محافظة المهرة؛ نفذ أبناء مديريتي المسيلة وسيحوت، الأحد الماضي 14 مايو/ آيار، وقفة احتجاجية رافضة لعملية التجنيد التي يقوم بها المجلس الانتقالي في المديريتين.
وأكد المحتجون خلال الوقفة التي شارك فيها عدد من شيوخ وقبائل وقيادة في لجنة الاعتصام السلمي في مديريتي سيحوت والمسيلة؛ أن الهدف من عمليات التجنيد "ضرب النسيج الاجتماعي في المهرة".
كما توعدوا بإفشال جميع المخططات التي تستهدف الأمن والاستقرار وجر المديريات للاقتتال، مشيرين إلى أن أبناء المهرة أفشلوا محاولات سابقة لعملية التجنيد من قبل الهلال الأحمر الإماراتي لإنشاء النخبة المهرية. كما طالبوا بخروج القوات الأجنبية من مطار الغيضة الدولي ومن عموم محافظة المهرة.
وقال متحدث لجنة اعتصام المهرة، علي مبارك محامد، إن "لجنة الاعتصام السلمي والمكونات القبلية والسياسية ترفض جر المهرة لمستنقع العنف والفوضى التي يسعى لها الانتقالي".
وأكد محامد لـ"يمن شباب نت" أن الهدف من مساعي المجلس الانتقالي للتجنيد خارج إطار مؤسسات الدولة، هو "اشعال الفتنة بين أبناء محافظة المهرة"، مشددا على أبناء المحافظة سيدافعون عنها بكل الطرق والوسائل.
وأوضح، "أبناء المهرة يعرفون جيدا تلك المؤامرات والمخططات ولن ينساقوا خلف أي شعارات وهمية، فمحافظة المهرة أمنة ومستقرة ولن نسمح لهؤلاء بزرع المناطقية والاقتتال الداخلي بين ابناءها".
وأشار إلى أن "الانتقالي يستغل اليوم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والحاجة لدى الناس، وبدأ بعملية التنجيد، إلا أنها تُقابل بالرفض من قبل جميع مكونات المهرة".
محاولات فاشلة
لجأ المجلس الانتقالي لتجنيد أبناء القبائل بعد أن فشل في اختراق المجتمع المهري المتماسك منذ دخول القوات السعودية إلى المحافظة مطلع عام 2017 عبر اغراءات مالية لشيوخ القبائل، وفقا لمتحدث لجنة اعتصام المهرة على محامد.
وأوضح محامد أن محاولات التجنيد التي يسعى لها الانتقالي حالياً ليست الأولى، لافتا أن "هذه المرة أصبح مدفوعاً بشكل أكبر من قبل السعودية والإمارات اللتان فشلتا في العام 2016 بتشكيل مليشيات تحت مسمى النخبة المهرية"، على حد قوله.
واعتبر متحدث لجنة اعتصام المهرة، لقاء رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي بقائد محور الغيضة اللواء محسن مرصع، السبت الماضي في عدن، تأتي "ضمن استعراض ومحاولات الانتقالي مصادرة صوت أبناء الجنوب اليمني".
وتعليقا على حضور شخصيات من أبنا المهرة فيما يسمى بـ"مؤتمر الحوار الجنوبي"، في اللقاء التشاوري الذي عقده المجلس الانتقالي في عدن مطلع الشهر الجاري، قال محامد، إن "تلك الشخصيات لا تمثل المهرة"، مشيرا إلى أن "كل الحاضرين في تلك المسرحية هم من المحسوبين على التحالف وأدواته".
من جانبه اعتبر، عضو لجنة الاعتصام "مسلم رعفيت"، إن "أي تجنيد خارج مؤسسات الشرعية الأمنية والعسكرية في محافظة المهرة يُقابل بالرفض"، مشيرا إلى أن أبناء المهرة يقفون صفا واحدا ضد هذه المحاولات التي تريد أن تُخرِّب المهرة.
وأضاف في حديث لـ"قناة يمن شباب"، "كلما حاول الانتقالي إعادة تجربته وادخال العناصر التابعة له للمهرة باسم أبناء المحافظة يواجه رفضا شعبيا"، مشيرا إلى أنه لن يستطيع اختراق المهرة.
نقل الفوضى
وعن تحركات المجلس الانتقالي المتواصلة تجاه المهرة، يقول مسلم رعفيت، إن "الانتقالي دائما يكرر ويحاول أن يخلق الفوضى وعدم الاستقرار وتخريب مؤسسات الدولة وادخال الفوضى إلى المحافظة".
ولفت" أن محافظة المهرة بكافة مكوناتها بما في ذلك اعتصام المهرة ترفض استنساخ وجلب أي تجربة من المحافظات الأخرى (الخاضعة لسيطرة الانتقالي والتي تشهد فوضى وانفلات أمني).
ويرى رعفيت، أن نقل الفوضى إلى المهرة، ستؤسس لحرب أهلية وتدمر النسيج الاجتماعي" مشيرا إلى "أن نقل أي شكل من أشكال التجربة (في عدن وغيرها)، ستعمل على تمكينهم من ادخال أجندتهم في محافظة المهرة"
وتابع: "نحن في لجنة الاعتصام في محافظة المهرة أهدافنا منذ البداية معروفة وسنناضل لتحقيق هذه الأهداف التي رسمناها.. وشعارنا دائما أن تبقى المهرة تحت حماية السلطة المحلية والأجهزة الأمنية الشرعية العسكرية وأن تحافظ على كرامتها وقيادتها".
وأشار مسلم رعفيت، إلى أن الأمن والاستقرار متوفر في محافظة المهرة وأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية فعالة، تقوم بحماية المحافظة وأن أبناء المهرة هم من ساعدوا على ذلك، مضيفا أن المهرة "تأوي كل من جاء من المحافظات الأخرى".
ولفت إلى أن المجلس الانتقالي ليس له حاضنة شعبية في محافظة المهرة، "إلا قلة قليلة"، مؤكدا أن "من حق أي انسان أن يمارس عمله الشريف في أي محافظة"، مؤكدا أن "محافظة المهرة ستحافظ على أمنها واستقرارها كما حافظت عليه خلال السنوات الماضية".
صراع النفوذ
في الوقت الذي تقول فيه مكونات وشخصيات من أبناء المهرة أن تحركات المجلس الانتقالي الانفصالي نحو المحافظة، مدفوع من السعودية والإمارات، يرى سياسيون ومراقبون أن تلك التحركات تأتي في إطار الخلافات المتصاعدة بين الرياض وأبو ظبي، وتنافس الدولتين على النفوذ في المحافظات المحررة اليمنية.
وقال مصدر سياسي مطلع، لـ"يمن شباب نت"، "إن تحركات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في سياق صراع النفوذ بين دولتي التحالف العربي (السعودية والإمارات) في المحافظات الشرقية، وايضاً استفزاز لسلطنة عُمان".
وأشار إلى "أن صراع الدولتين واضح على النفوذ في اليمن، حتى أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد لم يحضر القمة العربية التي أقيمت في جدة السعودية الجمعة الماضية، وهذا النفوذ تعتبره مسقط تهديد لها في الوقت الذي توافقت مع الرياض مؤخرا، لكنها ترى في ابوظبي خطر أكبر على أمنها القومي".
وتقع محافظة المهرة شرق اليمن، وتربطها حدود قريبة بسلطنة عُمان وتشكلت علاقة ترابط مع أبناء المهرة خلال عقود طويلة، ورغم عدم وصول الحرب إليها إلا انها تحولت إلى مساحة نفوذ بين السعودية والامارات خلال السنوات الماضية، ومحاولات عُمانية الاحتفاظ بشكل العلاقة السابقة قبل الحرب، لكن مع انهيار الدولة تغيرت شكل العلاقة.
واستبق الانتقالي زيارة مرتقبة لرئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، إلى محافظتي حضرموت والمهرة نهاية شهر مايو الجاري بتصعيد بدأه بإعلان وثيقة الانفصال في عدن بداية الشهر الجاري.
ويرى مراقبون، أن تحركات الانتقالي في المهرة وحضرموت، ردا إماراتيا في شرق اليمن على تعزيز السعودية حضورها في مناطق سيطرة الانتقالي المدعوم إماراتيا في عدن وما جاورها عبر زيارة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر إلى عدن وافتتاح عدد من المشاريع بدعم سعودي وتسلم القوات السعودية لمنفذ الوديعة البري ومطار الريان في حضرموت حيث كانت تتواجد قوات إماراتية في الريان قبل انسحابها.
أخبار ذات صلة
السبت, 20 مايو, 2023
ما وراء الخطوة الاستعراضية لرئيس الانتقالي "الزبيدي" في حضرموت شرق اليمن؟
السبت, 20 مايو, 2023
مع تحشيدات الانتقالي.. المحافظ بن ماضي وقيادات سياسية وقبلية حضرمية يتوجهون إلى الرياض
السبت, 20 مايو, 2023
وسط رفض مكونات حضرموت للتبعية.. "البحسني" يعلن رسميا انضمامه للمجلس الانتقالي الانفصالي