استبعدت صحيفة غربية، إمكانية أن تنجح المحادثات الأخيرة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية في إرساء الأساس لعملية سلام أكثر استدامة في اليمن، وحذرت من العواقب الوخيمة لأي تفاهم أو اتفاق سعودي - حوثي، في تكريس حكم الحوثيين الذين سيكون حينها مجرد تطور مأساوي آخر للشعب اليمني المنهك.
وفق مقال نشر بصحيفة «LA PRESSE» الكندية للكاتب توماس جونو، وهو أستاذ مشارك بجامعة أوتاوا، فإنه "من خلال تحديد الدوافع لدى كلا الجانبين، يمكن فهم سبب كون الإجابة سلبية للأسف، ففي الواقع لا الرياض ولا الحوثيين يريدون حقًا بناء سلام شامل".
وقال الكاتب "أدركت السعودية أنها لن تنجح في هزيمة الحوثيين عسكريًا، لذلك فهي تسعى إلى فك الارتباط بالحرب، مع تقليل تكاليف مغامرتها الكارثية باليمن، في المقابل أصبح الحوثيون وبدعم إيراني أكثر أهمية منذ عام 2015، وليس لديهم نية لتقديم تنازلات جدية للمملكة العربية السعودية أو الحكومة المعترف بها دوليًا".
وأضاف الكاتب – في المقال الذي ترجمة "يمن شباب نت"- "بالتالي لا تمثل الهدنة بالنسبة للحوثيين خطوة أولى نحو سلام دائم، ولكنها تمثل فرصة لالتقاط أنفاسهم وتعزيز مكاسبهم والاستعداد لهجمات جديدة". وتساءل في هذا السياق، هل يمكن أن تؤدي المحادثات الحالية على أقل تقدير إلى تجديد الهدنة بين الحوثيين والسعودية؟
ورأى الكاتب إلى أنه "بالرغم عدة عقبات أبرزها عناد الحوثيين، يبدو أن المناقشات تتمتع ببعض الزخم، مما يشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة، يمكن لمثل هذه النتيجة بالتأكيد أن تعمل على استقرار الوضع وحتى الحد من العنف، على الأقل في المدى القصير".
ومن ناحية أخرى، قد لا يكون التفاهم بين الرياض والحوثيين مرغوبًا فيه من منظور بناء سلام دائم وشامل، ففي ظل عدم وجود عملية سلام تجمع كافة اللاعبين الرئيسيين حول طاولة المفاوضات، وليس هذين الطرفين فقط، فإن اتفاق الحوثي والرياض يمكن أن يشعل الموقف.
أولاً، ستشعر الحكومة المعترف بها دوليًا حتمًا بأن الرياض -الداعم الرئيسي لها- قد خانتها، وفي الواقع هذه الحكومة وهمية جزئيًا: إنها قبل كل شيء مجموعة غير متجانسة من الفصائل توحدها معارضتها للحوثيين وتتسم بالانقسامات الداخلية والفساد، وفقاً لكاتب المقال.
وتابع بالقول: "لا يزال عدم قدرتهم – أي الحكومة الشرعية - على بناء جبهة موحدة أحد الأسباب الرئيسية لنجاحات الحوثيين. لذلك، هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن رد فعلها على مثل هذا الاتفاق سيكون مشبوهًا وربما عدائيًا".
ستكون العواقب أيضًا صعبة في الجنوب، الذي كان مستقلاً بين عامي 1967 و1990، وقد حُشدت المشاعر الانفصالية، المنتشرة منذ عام 2015 بدعم الإمارات العربية المتحدة، ووفقا للكاتب "المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يخفى على أحد طموحاته الانفصالية، هو اليوم القوة المهيمنة في الجنوب الغربي. وبالتالي، فإن اتفاقًا مباشرًا بين الرياض والحوثيين قد يشجعه على القيام بإيماءات انفصالية".
من شأن مثل هذا الاتفاق أن يكرس سيطرة الحوثيين على شمال غرب البلاد، وقد تكون هذه نتيجة أخرى حتمية، لكن حكمهم يثبت بشكل متزايد أنه قمعي وفاسد وظلامي، سيكون ذلك حينها مجرد تطور مأساوي آخر للشعب اليمني، المنهك بالفعل بسبب عقود من العنف وسوء الحكم.
اتفاق ثناني مرتقب بين السعودية والحوثي
وزاد الحديث مؤخراً عن اتفاق مرتقب بين الحوثيين والسعودية، بعد نحو ثلاثة أشهر من المفاوضات الثنائية في العاصمة العمانية مسقط، والذي زار وفدا منها صنعاء مرتين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، للقاء قيادات جماعة الحوثي والقيام بدور الوساطة بين الطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق.
وكشفت وكالة "أسوشييتد برس"، الثلاثاء الماضي نقلاً عن مسؤولين يمنيين وسعوديين وأمميين، عن إعادة السعودية والحوثيين إحياء المحادثات بينهما، على أمل تعزيز وقف إطلاق النار غير الرسمي المستمرّ منذ أكثر من 9 أشهر، ووضع مسار للتفاوض لإنهاء الحرب في اليمن.
ونقلت عن مسؤول في الأمم المتحدة، "أن هذه المحادثات فرصة لإنهاء الحرب إذا تفاوض الجانبان بحسن نية وضمّت المحادثات أطرافاً يمنية أخرى، وأن السعودية طوّرت خريطة طريق مرحلية للتسوية، أيدتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة".
من جهته، لفت دبلوماسي سعودي، "أن بلاده طلبت من الصين وروسيا الضغط على إيران والحوثيين لتجنّب التصعيد، وأكد أن إيران، التي أطلعها الحوثيون والعمانيون بانتظام على المحادثات، أيّدت حتى الآن الهدنة غير المعلنة".
وقال مسؤول حوثي مشارك في المداولات، لـ"أسوشييتد برس"، إن السعوديين وعدوا بسداد جميع الرواتب. إلا أن الدبلوماسي السعودي أوضح أن دفع الرواتب مشروط بقبول الحوثيين بضمانات أمنية، بما في ذلك إقامة منطقة عازلة مع مناطق يسيطر عليها الحوثيون على طول الحدود اليمنية السعودية.
وتثير هذه التطورات قلق الحكومة الشرعية، إذ أكد مسؤول حكومي "أن مجلس الرئاسة اليمني يتخوّف من أن تقدّم السعودية تنازلات غير مقبولة للتوصل لاتفاق، كما اعتبر أن الحراك الحاصل أخيراً ترك الحكومة المعترف بها دولياً بلا صوت، ولفت إلى أنه "لا خيار أمامنا سوى الانتظار ورؤية ما ستسفر عنه هذه المفاوضات".
وكان المبعوث الاممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، قال في إحاطته للمجلس من صنعاء الاثنين الماضي، "نشهد حالياً نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً على الصعيد الإقليمي والدولي لحل النزاع في اليمن، وهناك خطوة محتملة لتغيير مسار هذا النزاع المستمر منذ 8 سنوات".
كما شدد على أن "المحادثات الحالية هي فرصة لا يجب إهدارها وتتطلب إجراءات مسؤولة"، مشيراً الى المحادثات بين السعودية والحوثيين، ولفت "الوضع لا يزال معقداً ومتقلّباً، لكن جهود الحوار المختلفة في الأشهر الماضية أتاحت تحديداً أوضح لمواقف الأطراف".
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 17 يناير, 2023
خارطة طريق للتوصل إلى تسوية باليمن.. "وكالة" تكشف تفاصيل المحادثات بين السعودية والحوثيين
الجمعة, 20 يناير, 2023
باحثة غربية: المجتمع الدولي يتمسك بـ "أمل كاذب" بإمكانية صناعة سلام مستدام مع الحوثي باليمن
الثلاثاء, 17 يناير, 2023
مؤشرات اختلاف بين الأمم المتحدة وسلطنة عمان على طريقة الوساطة لحل الصراع في اليمن (تحليل خاص)