قال معهد أمريكي "أن حرب الحوثيين لها تداعيات خطيرة على المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية في اليمن كما أنها تمثل معضلة للدبلوماسيين والوسطاء، الذين لم يتمكنوا حتى الآن من إحراز تقدم ملموس في عملية السلام".
وعلى الرغم من التزام الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والتحالف الذي تقوده السعودية بالهدنة التي تم تجديدها مؤخرًا في 2 أغسطس، تواجه الأمم المتحدة تحديًا يتمثل في إجبار الحوثيين على الوفاء بجانبهم من الاتفاقية، والتي من المفترض أن تشمل فتح الطرق بمحافظة تعز.
وأشار معهد الشرق الأوسط الأمريكي «MEL» - في تحليل مطول ترجمة "يمن شباب نت" - "بالنظر إلى سجل الحوثيين في عدم الامتثال وافتقارهم إلى الحافز لتقاسم السلطة، فإن الافتراضات القائلة بإمكانية حدوث اختراق في عملية السلام يمكن أن تكون بعيدة المنال".
ويرى المعهد في التحليل بعنوان "حرب الحوثيين ومستقبل اليمن" أنه ظل هذه الظروف "يقع العبء على الأحزاب السياسية اليمنية والمعارضة لوضع خطة من شأنها أن تضمن أن أي ترتيب لتقاسم السلطة يحترم حقوق الجميع على قدم المساواة ولا يهدد أيديولوجية الحوثيين طالما أنها ليست مفروضة على بقية المجتمع".
وقال: "لكن يجب على الأمم المتحدة أن تضمن تحييد التهديد الأمني للحوثيين بالنسبة لكل من خصومهم والمنطقة"، لافتا أنه "بعد ثماني سنوات من سيطرة الحوثيين على معظم المناطق الشمالية من البلاد، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن عزل الحركة قد ساعد عن غير قصد في زيادة قوتها".
وقال تحليل المعهد الأمريكي "أن تلك العزلة ساعدت قدرة الحوثيين على البقاء في ظل اقتصاد يسوده العنف والفساد، حيث يستفيدون من مصادرة موارد الدولة وتحصيل الضرائب من قطاع الأعمال واختلاس المساعدات الإنسانية، على تحقيق الاكتفاء الذاتي، كما سمح لهم بتجنب المسؤولية عن الأشخاص الخاضعين لسيطرتهم وفرض أيديولوجيتهم بالقوة".
ويرى المعهد "أن حرب الحوثيين معقدة وقد لا يتم حلها بسرعة، حيث تسيطر قوات الحوثي على مدن مهمة في شمال البلاد وكذلك ميناء الحديدة على البحر الأحمر، مما يسمح لها بالوصول إلى الموارد الإقليمية والاقتصادية الاستراتيجية التي ليس لديهم حافز لمقاسمتها.
وتابع: "وبينما دُحر الحوثيين سابقًا من الجوف ومأرب وعدن وشبوة ومدن أخرى ضموها في بداية حربهم، إلا أن سقوط الجوف قبل عامين، وكذلك النجاحات التي بدت وشيكة للحوثيين في الاستيلاء على مأرب، تشير إلى اهتمامهم المستمر بتحقيق السيطرة الإقليمية الكاملة على اليمن".
تحقيق تسوية
في معرض توصيات واستنتاجات التحليل الأمريكي، قال "لتحقيق تسوية فعالة وعادلة، يجب على الأمم المتحدة أولاً أن تضمن أن هذه القضايا الموضحة أعلاه، والتي لطالما اعتبرت صعبة التفاوض عليها، هي جزء لا يتجزأ من أي اتفاق قادم".
وأضاف: "إن زيادة الشفافية والمناقشات حول مستقبل اليمن، في ضوء الثقافة المتغيرة بسرعة، أمر بالغ الأهمية لنجاح عملية السلام، إلى جانب هذه القضايا، يجب أن تضمن المناقشات حول التسوية السياسية الحرية الدينية لجميع المواطنين اليمنيين".
وقال المعهد "في الوقت الحالي، العقبات الرئيسية أمام السلام هي تلك التي لا يستطيع حلها إلا اليمنيون، والتي تضرب جذورها في المخاوف المتنافسة حول توزيع السلطة السياسية والتقديم العادل للخدمات العامة"، لافتاً "مع ذلك، يخشى الكثير من اليمنيين من أن رفض الحوثيين لنتائج الحوار الوطني وانحيازهم الأعمى لإيران ومعتقداتهم الأيديولوجية والدينية تقف في طريق الحكم الفعال".
وأردف "وفي حين أن هناك ما يبرر تفكيرهم في ذلك، يجب عليهم أيضًا أن يفهموا أن الافتقار إلى حل معقول يعيق الجهود المبذولة لإنهاء الصراع ويعزل أولئك الذين يعيشون تحت حكم الحوثيين".
وأشارت توصيات التحليل أنه "يجب أن تتضمن خطة للتخلص التدريجي من تجنيد الميليشيات والأسلحة الثقيلة (بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ الموجهة)، مع التركيز على قوات الأمن المتخصصة وحماية المجتمع المحلي".
ولفت: "أخيرًا، يجب وضع آليات للتعامل مع أي انتهاكات للأمن الإقليمي لا تعرض المواطنين اليمنيين أو دول الخليج الأخرى للخطر ولا تورط المنطقة في حرب جديدة في اليمن".
وتابع التحليل "لتجنب الوقوع في نمط اعتاد الحوثيون بموجبه على احتكار العنف، يجب على المجتمع الدولي الانتباه إلى مسألة الحكم وتقاسم السلطة من خلال تحميل الميليشيات المسؤولية عن التزاماتها أثناء النزاع".
وأختتم التوصيات بالقول "إن الانتظار إلى ما بعد الصراع أو التوصل إلى تسوية سياسية لمحاسبة الحوثيين على الانتهاكات أو الأفعال الخاطئة في مناطق سيطرتهم يمنحهم تفويضًا مطلقًا لإدامة الوضع الراهن".
صدمة اليمنيين
وفي الذكرى الثامنة لسيطرة الحوثيين على صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، تحت مبرر محاربة الفساد والفقر، لكن ما تم تقديمه في البداية على أنه صراع ضد الظلم انتهى به الأمر إلى مجرد انتزاع للسلطة تنكر في صورة تمرد، وفقا لتحليل المعهد الأمريكي.
منذ عام 2014، أصبحت معظم المحافظات الشمالية في اليمن معزولة بعد أن عُزل الحوثيون خصومهم وأعدموا حليفهم السابق، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، مما أدى إلى زعزعة الثقة في إمكانية إقامة تحالفات مستقبلية مع حركتهم.
ويرى المعهد الأمريكي أنه "طوال فترة الحرب شهدت البلاد تحولًا سياسيًا ودينيًا وثقافيًا جذريًا، مما أدى جزئيًا إلى قلب الجمهورية اليمنية وفتح فصل جديد لدولة دينية يرأسها الزعيم الديني عبد الملك الحوثي".
لكن في الوقت ذاته، لم تتلاشى صدمة الاستيلاء على صنعاء بالنسبة للعديد من اليمنيين، الذين افترضوا في البداية أن الاستيلاء على السلطة كان مجرد أحدث تناوب للسلطات الحاكمة في البلاد، وبدلاً من ذلك رأوا اليمن يتحول بما يتماشى مع أيديولوجية سياسية ودينية راديكالية كانت قاسية تجاه المعارضين ولكنها سامحت الموالين، وفقا للتحليل.
وفي الوقت نفسه، خلقت الأنشطة العسكرية بيئة معادية للمدنيين وقضت على تطلعات الشباب الذين تحطمت رغبتهم في التغيير خلال الربيع العربي 2011، قبل أن يرى النور، حيث جاء توغل الحوثيين في أعقاب عملية الحوار الوطني التي بدت ناجحة حتى ذلك الحين، وزعزع الثقة الشعبية في عملية سياسية متجددة.
أخبار ذات صلة
الخميس, 22 سبتمبر, 2022
تقرير أمريكي يحذر: أي صفقة جديدة مع إيران ستفاقم إرهاب الحوثي في اليمن
الثلاثاء, 20 سبتمبر, 2022
نقض الاتفاقيات أمر راسخ في تاريخهم.. لماذا يتهرب الحوثيون من أي تسوية سياسية في اليمن؟
السبت, 03 سبتمبر, 2022
ما الذي يمكن أن يفعله المجتمع الدولي لتحويل "الهدنة الهشة" في اليمن إلى سلام حقيقي؟