قال دبلوماسي أمريكي، عندما تتغير الحقائق، يتحتم علينا إعادة النظر في آرائنا في عام 2020، عندما صنفت إدارة ترامب جماعة الحوثيين في اليمن منظمة إرهابية أجنبية، رفعت يدي للاعتراض على ذلك، وكتبت رسالة إلى وزير الخارجية آنذاك بومبيو مع مجموعة من زملائي.
وجادل الخطاب، الذي وقعه في النهاية ما يقرب من 100 دبلوماسي وضابط عسكري أمريكي سابق، بأن التصنيف لن يضر الحوثيين ولكنه سيعرض للخطر معيشة ملايين المدنيين اليمنيين الأبرياء.
وقال الدبلوماسي الأمريكي جيرالد فايرستاين، -السفير الأمريكي الأسبق في اليمن بمقال نشره موقع «Warontherocks» وترجمة "يمن شباب نت"- "لسوء الحظ، تغيرت الأمور، إذ أظهر العام الماضي أن الحوثيين لن يعودوا إلى طاولة المفاوضات حتى يقبلوا بعدم وجود بديل عن الحل السياسي".
ودخلت الحرب الأهلية في اليمن عامها الثامن ولا تلوح نهاية في الأفق، من الضروري أن تبذل الأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة والقوى الرئيسية الأخرى، المزيد لإنهاء المعاناة وبدء العملية الطويلة لإعادة بناء اليمن وإعادة إعماره.
وأضاف فايرستاين "لكن هذا العمل لا يمكن أن يبدأ حتى يكون هناك فهم مشترك لماهية العقبات التي تحول دون تحقيق حل سلمي، على وجه الخصوص"، وتساءل عن.. ما هي الأدوات التي يمكن وينبغي للولايات المتحدة استخدامها للضغط على الحوثيين والتغلب على مقاومتهم للمفاوضات؟
الكثير من التحليلات الأخيرة في واشنطن تسيء تفسير الحقائق على الأرض وكذلك حالة الجهود اللازمة لإنهاء الصراع، في تقرير جاء في توقيت سيئ بشكل خاص، أكد بروس ريدل أن "الحوثيين انتصروا في الحرب في اليمن، وهزموا خصومهم في الحرب الأهلية، والسعوديين الذين تدخلوا في الحرب ضدهم، والولايات المتحدة التي دعمت السعوديين".
وجاء المقال متزامنًا تقريبًا مع تقارير تفيد بأن الحوثيين عانوا من هزيمة عسكرية كبيرة في محافظة شبوة وفقدوا الأرض في محافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية، لم يتقرر "انتصارهم" في الصراع، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تنظر بهدوء إلى إمكانية تحقيق نصر عسكري للحوثيين.
وكعضو في "محور المقاومة" الإيراني، فإن سيطرة الحوثيين غير المتنازع عليها في اليمن ستشكل تحديًا دائمًا ليس فقط لرفاهية الشعب اليمني ولكن أيضًا لمصالح الولايات المتحدة الحيوية، بما في ذلك الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، وحرية الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.
وبالمثل، انتقد فيرستاين، مقالا لكلا من دانييل كيرتسر، وميرلين بون، جادل حول ضرورة سعي الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى تكثيف التواصل مع الحوثيين الذي سيظهر العزم على منع استيلاء الحوثيين على اليمن من ناحية، ولكنه سيظهر الاستعداد لإشراك الحوثيين في عملية التسوية السياسية من ناحية أخرى.
حيث أوضح بالقول "اللافت للنظر، أنهم يدعون إلى إقصاء جميع الأطراف اليمنية الأخرى في الصراع من المفاوضات، وترك الحوثيين والمملكة العربية السعودية بوصفهم "أصحاب المصلحة الرئيسيين والأطراف المتحاربة الأساسية في العملية الدبلوماسية".
وبذلك، أخطأ كيرتسر وبون في وصف طبيعة الحرب الأهلية وتجاهلا جهود إدارة بايدن لإشراك الحوثيين، مع حرمان جميع الفصائل اليمنية غير الحوثية من تحديد مستقبل دولتهم ومجتمعهم.
وقال فيرستاين "لا شك أن المطلب الأساسي والهدف المركزي لسياسة الولايات المتحدة يظل متمثلا في إعادة أطراف النزاع اليمنية إلى طاولة المفاوضات للتفاوض على نهاية سلمية لهذه الحرب المدمرة".
وتابع: "وبالتالي، كان هناك دعم واسع للإعلان المبكر للرئيس جو بايدن بأن سياسة الولايات المتحدة ستؤكد على المشاركة الدبلوماسية ودعم عملية التفاوض التي تقودها الأمم المتحدة، مع الحث على إنهاء العمليات العسكرية الهجومية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، وعلى الرغم من الآمال في أن تسفر هذه الدفعة الدبلوماسية الجديدة عن نتيجة إيجابية، إلا أنها لم تفعل".
فمنذ إعلان الرئيس، أعلنت الرياض باستمرار أنها مستعدة لوقف إطلاق النار ودعم المبادرة الدبلوماسية للأمم المتحدة، على النقيض من ذلك، استخدم الحوثيون العام الفاصل لمضاعفة عدوانهم العسكري داخل اليمن، لا سيما في محافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية والمناطق المجاورة.
علاوة على ذلك، استخدم الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة قدمتها إيران لاستهداف منشآت مدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وكذلك للانخراط في قرصنة في البحر الأحمر وباب المندب.
النكسات العسكرية الأخيرة التي لحقت بالحوثيين في حملتهم في اليمن دفعتهم إلى شن هجوم أكثر عدوانية على أولئك، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، الذين يرون أنهم مسؤولون عن إخفاقاتهم العسكرية.
من الواضح أن الطرف الذي رفض بشدة اتباع طريق السلام خلال العام الماضي هو الحوثيون، لسوء الحظ لدى الولايات المتحدة أدوات قليلة متاحة للتأثير على موقف الحوثيين، لا يوجد خيار للمشاركة العسكرية المباشرة للولايات المتحدة في الصراع، ولا ينبغي لأي شخص أن يدافع عن مثل هذه الاستراتيجية.
وبينما التقى المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ والمبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز جروندبرج بممثلي الحوثيين في عمان، سعياً لتحفيز عودتهم إلى طاولة المفاوضات، لم تسفر هذه المناقشات عن نتيجة إيجابية، من الواضح أن المحاورين الحوثيين الموجودين في مسقط ليس لديهم تأثير كبير على كبار صانعي القرار الحوثيين الموجودين في العاصمة صنعاء أو في موطن الحوثيين في صعدة، أصحاب النفوذ الحقيقيون وصناع القرار الحوثيون بعيدون عن متناول المفاوضين الدوليين.
ظهرت تقارير حديثة تفيد بأن إدارة بايدن تدرس إعادة تصنيف جماعة الحوثي اليمنية على أنها منظمة إرهابية أجنبية. أثارت هذه الأخبار مخاوف مألوفة ومعارضة بين المنظمات الإنسانية والعديد من المعلقين، الذين يجادلون بأن التصنيف لن يضر الحوثيين، الذين لا يسافرون ولا لديهم مصالح مالية خارج اليمن، لكنه سيهدد ملايين اليمنيين الأبرياء الذين يعتمدون على الإغاثة ممثلة بالوكالات والمؤسسات الشرعية التي قد تشل عملياتها بسبب التصنيف، في الواقع هذه مخاوف جدية أثرتها بنفسي في رسالتي إلى بومبيو منذ ما يقرب من عامين.
ولكن في ظل عدم وجود خيارات أخرى قابلة للتطبيق للضغط على الحوثيين للتخلي عن حملتهم العسكرية والسعي إلى نتيجة سياسية سلمية للحرب، سيكون من التهور عدم التفكير في إمكانية استخدام التصنيف الإرهابي كأداة في جعبة أمريكا. كان قرار إدارة ترامب بتسمية الحوثيين منظمة إرهابية ارتجاليا وتم اتخاذه مع القليل من الاهتمام باحتمالية حدوث أضرار جانبية.
لكن لا تحتاج إدارة بايدن إلى تكرار هذه الأخطاء، وإذا قررت الإدارة المضي قدما في هذا الخيار، فعليها مناقشة شروط التصنيف مع المنظمات الإنسانية الدولية، والبنوك، والمؤسسات التجارية، وغيرهم ممن قد يتأثرون به لضمان أن اتم صياغته بطريقة تقلل من العواقب غير المقصودة، في حين أن التصنيف لا يزال يفتقر إلى تأثير ملموس وفوري على قيادة الحوثيين، إلا أنه سيرسل رسالة رمزية قوية تنزع الشرعية عن جماعة الحوثيين كمشارك في مستقبل اليمن السياسي.
علاوة على ذلك، مع حصول الإمارات العربية المتحدة على مقعد كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يجب على الولايات المتحدة استغلال الفرصة لطرح القضية على الأمم المتحدة والسعي إلى إدانة دولية واسعة النطاق لحملة الحوثيين التدميرية، مثل هذا البيان الدولي سيكون من الصعب على الحوثيين أو رعاتهم في طهران تجاهله.
لا يوجد نقاش، سواء في اليمن أو في المجتمع الدولي، حول ضرورة إنهاء النزاع اليمني بشكل سلمي من خلال عملية تفاوضية، بالإضافة إلى أنه يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا مفيدًا في تحقيق هذا الهدف، لكن يجب أن تكون نقطة البداية هي الاستعداد للاعتراف بالحقائق الأساسية على الأرض، وهذا يعني معالجة قضية تعنت الحوثيين ومقاومة التفاوض على وجه التحديد وبالأدوات المتوفرة لدينا.
أخبار ذات صلة
الإثنين, 07 فبراير, 2022
"أمريكا ومنطقة التوترات مع إيران".. هل تجبر هجمات الحوثي على الامارات واشنطن للعب دور أكبر في حرب اليمن؟
الثلاثاء, 25 يناير, 2022
حتى سويسرا لا تقدم ملاذًا آمنًا للإرهابيين.. معهد أمريكي: يجب على مسقط عزل الحوثيين لا احتضانهم
الاربعاء, 26 يناير, 2022
ناشيونال إنترست: مليشيات الحوثي استوفت معايير تصنيفها "إرهابية".. وعلى واشنطن استخدام كل أدوات الضغط