بعد سبع سنوات من القتال في اليمن، أصبح دوي الصواريخ الاعتراضية صوتًا مألوفًا في المملكة العربية السعودية، لكنه كان صدمة بالنسبة لسكان الإمارات، حيث في وقت مبكر من يوم 24 يناير قالت الإمارات إنها أسقطت صاروخين باليستيين أطلقا من اليمن، سجلت مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي دوي صوت مرتفع في العاصمة أبو ظبي.
ووفق مجلة «The Economist» البريطانية - في تقرير ترجمة "يمن شباب نت" - "أصبحت هجمات الحوثيين شائعة في السعودية، التي تسقط الصواريخ أو الطائرات بدون طيار كل أسبوع تقريبًا، كانت هذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها الحوثيون الإمارات بنجاح، هذا يعكس غضبهم من الانقلاب المفاجئ في ساحة المعركة في اليمن".
وقالت المجلة "هذا يجعل امام الإمارات خيارًا صعبًا: إما التراجع، والسماح للحوثيين بالسيطرة على مدينة مهمة، أو المخاطرة بمزيد من الهجمات التي يمكن أن تلحق أضرارًا حقيقية باقتصادها".
ومنذ أكثر من عام، كان الخط الأمامي الرئيسي في اليمن يقع حول مدينة مأرب، على بعد 120 كيلومترًا (75 ميلًا) شرق العاصمة صنعاء، فهي موطن لثلاثة ملايين شخص، ثلثهم نازحون من مناطق أخرى، وهي موطن لأكبر احتياطيات النفط والغاز في اليمن، وقد دفع الحوثيون بموجات من المقاتلين بينهم أطفال، كانت الخسائر مروعة، لكنهم أضعفوا ببطء مدافعي المدينة.
لم يكن لدولة الإمارات العربية المتحدة علاقة تذكر بهذا الأمر، في عام 2019 سحبت معظم قواتها من الحرب التي أصبحت تعتبرها مستنقعًا، قاتل الإماراتيون إلى حد كبير في جنوب اليمن، التي كانت دولة مستقلة حتى عام 1990 وتحتفظ بخط انفصالي.
وأشارت المجلة: "لا يحظى الحوثيون بدعم كبير هناك لبعض الوقت، بدا أن الإماراتيين كانوا يسعون إلى التقسيم الفعلي: إذ سيحتفظون بمجال نفوذ في الجنوب، بينما تكافح الحكومة المدعومة من السعودية والمعترف بها دوليًا ضد الحوثيين في الشمال".
لكن العام الماضي، غزا الحوثيون محافظة شبوة الجنوبية الغنية بالطاقة، ومع تأرجح مأرب والجنوب تحت التهديد، غير التحالف تكتيكاته، في 25 ديسمبر/ كانون الأول، وافقت السعودية على إقالة محافظ شبوة، وهو شخصية تابعة للإصلاح، الحزب إسلامي الذي تناهضه أبو ظبي، وتم تعيين شخصية قبلية، له علاقات جيدة مع الإمارات (حيث عاش لسنوات فيها).
ثم قامت كتائب العمالقة، وهي مليشيا مدعومة من الإمارات، بنقل آلاف مقاتليها من ساحل البحر الأحمر إلى شبوة، كانت مكاسبهم سريعة: لقد طردوا الحوثيين من شبوة واستمروا في الاستيلاء على أجزاء من محافظة مأرب أيضًا.
انتصارات ساحة المعركة في اليمن ليست دائمًة، ومع ذلك، فقد عانى الحوثيون من انتكاسة كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية، فبدلاً من القيام بحملة لا هوادة فيها على ما يبدو للاستيلاء على مأرب، باتوا يواجهون الآن تهديدًا جديدًا على جانبهم الجنوبي.
كانت الهجمات على أبو ظبي بمثابة إنذار للإمارات: أوقفوا تقدمكم أو واجهوا المزيد من القصف، الخطر الجسدي متواضع، إذ لا تستطيع صواريخ ومسيرات الحوثيين حمل حمولات كبيرة، والإمارات لديها دفاعات جوية متطورة - تدعمها أمريكا، التي لديها الآلاف من القوات في الظفرة، وهي قاعدة جوية جنوب أبوظبي.
مخاطر السمعة أكبر بكثير، حيث تسوّق الإمارات نفسها على أنها واحة للاستقرار، تبدو محصنة ضد صراعات المنطقة، رغم أنها اتبعت سياسة خارجية عدوانية تورطها فيها، ينظر المستثمرون إليها على أنها مكان آمن لبدء عمل تجاري أو شراء عقار، لم يكن لدى السائحين البالغ عددهم 22 مليونًا الذين زاروا في عام 2019 ما يدعوهم للقلق سوى حروق الشمس أو بعض المحار السيئ عند الغداء، الهجمات المستمرة من شأنها أن تعرض تلك الصورة للخطر.
كما يمكن أن تعقد جهود الإمارات الأخيرة في التقارب مع إيران، حيث زار طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي طهران في ديسمبر كانون الأول، وتمت دعوة إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني، لزيارة أبو ظبي، وكانت الإمارات تأمل في أن تسمح العلاقات الودية لها بتجنب هذه الأنواع من الهجمات بالضبط.
الحوثيون ليسوا وكيلاً إيرانيًا بالكامل فهم غالبًا ما يتصرفون بشكل مستقل، لكن الهجمات على الإمارات كانت ممكنة بفضل الدعم الإيراني، ومن المحتمل أن الطائرات بدون طيار والصواريخ التي استهدفت أبو ظبي كانت تستند إلى مخططات إيرانية.
الآن يجب على الإمارات العربية المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستضغط للأمام أو تتراجع في اليمن. قد تتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين للإبقاء على كتائب العمالقة في شبوة كقوة دفاعية، ومع ذلك إذا سقطت مأرب، فستصبح شبوة أكثر عرضة للخطر، يمكن للحوثيين أيضا إجبار الإمارات على ذلك، لقد هددوا بضربات على دبي، مركز الأعمال والسياحة في الإمارات العربية المتحدة، في 25 يناير حذر متحدث باسم المجموعة الزوار لتجنب إكسبو 2020، المعرض العالمي الذي افتتح في أكتوبر.
ستكون مثل هذه الهجمات تصعيدًا خطيرًا، والذي من المحتمل أن يجر الإمارات إلى عمق الحرب - وربما أيضًا أمريكا، التي أنهت العام الماضي دعمها لـ "العمليات الهجومية" من قبل التحالف، كل هذا إذن قد يأتي بنتائج عكسية على الحوثيين، واستفادوا من انسحاب الإمارات بجيشها الأكثر قدرة داخل التحالف، في محاولة لإبعاد الإماراتيين، يمكن للحوثيين بدلاً من ذلك سحبهم الى اليمن، مرة أخرى.
أخبار ذات صلة
الجمعة, 28 يناير, 2022
مسؤول أمريكي: يجب لوم الحوثيين على استمرار حرب اليمن بسبب تصعيدهم العسكري
الخميس, 27 يناير, 2022
الصراع في اليمن مستمر مع خسائر كبيرة للحوثيين.. صدى شبوة ومأرب يتردد من أبو ظبي إلى فيينا
الثلاثاء, 25 يناير, 2022
بعيدا عن نتيجة محادثات النووي.. كاتب أمريكي: ردع إيران ووكلائها يبدأ بمعاقبة الحوثيين في اليمن