أنتشرت مؤخرا، بشكل لافت، عصابات لسرقة المواطنين في العاصمة اليمنية صنعاء، بدت كما لو أنها "مافيا منظمة"، وسط تجاهل وصمت ميليشيات الحوثي المسيطرة على العاصمة، رغم تزايد شكاوى الضحايا. في حين حمّل حقوقيون سلطات الأمر الواقع الحوثية مسئولية ما يحدث في مناطق سيطرتها، بموجب القانون الدولي.
"وكأن اليمنيين القابعين في مناطق سيطرة الحوثي لا تكفيهم تلك الأزمات الإقتصادية المتلاحقة التي تعصف بهم، حتى يأتي من يسطو على ما تبقى من أموالهم الناجية من سطو الميليشيات بمسميات عدة.."، يقول أحد المواطنيين، واصفا تلك الحوادث التي ارتفعت وتيرتها مؤخرا، بشكل لافت، في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء.
وفي حين عزى مراقبون تفشي السرقات في مناطق الميليشيات، إلى استمرار التدهور الإقتصادي وأزدياد رقعة الفقر، أعتبر مواطنون الانتشار الأمني الكثيف للميليشيات في الشوارع لا علاقة له بضبط الأمن والحد من الجريمة، بقدر ما هو إنتشارا "وهميا" يستهدف ترويع المواطنيين وإرهابهم لدرء أي تحركات شعبية غاضبة..!!
أنتشار مقلق.. وأساليب حديثة
ومن الوسائل المستخدمة حديثا، والتي أنتشرت مؤخرا، تعرض المواطنيين للسرقة على متن باصات صغيرة غير مرقمة، تستخدمها العصابات لسرقة ضحاياها. وسبق أن أبلغ عدد من ضحايا هذا النوع من السرقات سلطات ميليشيا الحوثي، ولكن دون جدوى، ما أدى إلى إنتشارها أكثر.
وأعرب المواطن "نصر قائد"، من سكان صنعاء، عن مخاوفه من إنتشار تلك السرقات "بشكل مقلق"، مشيرا إلى تعرض أحد جيرانه مطلع الأسبوع المنصرم لواحدة من تلك السرقات على متن باص صغير، ما يوحي- كما يقول- بأن العصابات تنتشر وتتحرك دون أي خوف، حتى أصبحت مصدر قلق للمواطنين.
وأضاف قائد لـ"يمن شباب نت": "يبدو أن تلك العصابات تستخدم طرق وأساليب محترفة ومتعددة لسرقة المواطنين في شوارع صنعاء، حيث يضعون لوحات الأرقام الأمامية للباصات بهدف إيهام المواطنين بأنها باصات نقل عادية، وبمجرد أن تنزل من الباص وتكتشف أنك قد سُرقت، يفر الباص سريعا، لتكتشف بأن اللوحات الخلفية منزوعة..!!"، مؤكدا أن هنالك كثيرون تعرضوا للسرقة بنفس هذه الطريقة.
المواطن "محمد معوضة"، كان أحد أولئك الضحايا. حيث تعرض لسرقة هاتفه المحمول ونحو عشرين ألف ريال على متن باص بمنطقة "جَدِر" بالعاصمة صنعاء.
يقول "معوضة" لـ"يمن شباب نت"، إنه ركب من جولة عمران باصا صغيرا كان على متنه ثلاثة ركاب آخرين، وعند وصوله إلى المكان المطلوب أوقف الباص ونزل منه، وبمجرد أن أدخل يده إلى جيبه لدفع تكاليف الموصلات تفاجأ بفقدان كامل النقود التي كانت بحوزته مع هاتفه المحمول..!!، حينها لم ينتظره السائق بل غادر المكان بسرعة فائقة، ولم يترك له حتى فرصة للتفكير وأستيعاب ما حدث له..!!
"وللأسف كانت لوحة الباص الخلفية غير موجودة..!!"، يقول معوضة بحسرة كبيرة، معتبرا أن استخدام عصابات السرقة باصات وسيارات من دون لوحات رقمية يدل على أن العصابة قد تكون مدعومة من جهات رفيعة..!!
أنتشار أمني وهمي
بالإضافة إلى حوادث القتل المتكررة في أحياء وشوارع العاصمة صنعاء، أصبح لا يكاد يمر يومآ إلا ويشكو مواطنون من تعرضهم للسرقة، التي أصبحت وكأنها جزاء من حياتهم المليئة بالمأسي والمعاناة..!!
وينظر الكثيرون إلى الإنتشار الأمني لميليشيا الحوثي في أرجاء وشوارع العاصمة صنعاء، على أن الهدف منه فقط: إيهام المواطنيين بوجود قبضة أمنية حديدية، ليس لضبط الأمن بل لإرهاب الناس وترويعهم وزرع الخوف في قلوبهم من التفكير بأي تحركات أو مظاهرات حقوقية. كما هو أيضا لإرضاخ أصحاب المحلات التجارية لدفع الأتاوات التي تفرض عليهم من حين إلى آخر. بينما من يتعرضون للسرقة أو النهب في وضح النهار يرفض معظمهم إبلاغ الأمن الحوثي خوفا من تعرضهم للخسارة أكثر، بدون فائدة تذكر..!!
من يتحمل المسؤولية؟
وتعليقا على ما يحدث من إختلالات أمنية، اعتبر رئيس "منظمة سام للحقوق والحريات" المحامي توفيق الحميدي، أن "ما يحدث في صنعاء أو في إب أو ذمار، وجميع مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، من سرقة أو نهب أو انفلات أمنى، تتحمل ميليشيا الحوثي المسؤولية عنها بدرجة أساسية، كونها سلطة أمر واقع، ولا يمكن التهرب عن هذه المسؤولية بأي حال من الأحوال".
وأوضح الحميدي، ضمن تصريحاته لـ"يمن شباب نت" أنه "في ظل وضع كهذا تغييب فيه الدولة، نظرا للانقلاب عليها، تصبح الجماعة المنقلبة، أو التي تسيطر على الأرض، هي الملزمة- كسلطة أمر واقع- بتوفير الأمن والاستقرار ولقمة العيش للمواطنين".
كما أضاف أيضا: أن سلطات الأمر الواقع ملزمة بتطبيق القانون، الذي كان معمول به في اليمن، سوى على متسوى العقوبات، أو الإجراءات، أو ملاحقة الجناة، والحكم به في المحاكم خصوصا في الجانب المدني.
وعليه، أكد المحامي الحميدي أن ميليشيا الحوثي الانقلابية "سوف تصبح مسآئلة، سوى على المستوى الداخلي أم الخارجي، عن التقصير أو المساهمة أو المشاركة أو حتى غض الطرف عن مثل هذه الانتهاكات التي تمارس في مناطق سيطرتها، لأنها في النهاية أصبحت سلطة أمر واقعية.