كشف سياسي أمريكي ودبلوماسي سابق، عن لقاءات أجريت مؤخرا في سلطنة عمان بين أمريكيين وقيادات حوثية رفيعة، كشفت لهم مدى الصعوبة التي تكتنفها مفاوضات السلام في اليمن. وأعتبر أن الوضع في اليمن خطير وبات يهدد الأمن الإقليمي والدولي، ولا بد من تكثيف العمل الدبلوماسي مع ضرورة التنسيق مع شركائهم الرئيسيين في المنطقة لتعزيز القيم والمصالح الأمنية الأمريكية.
وحذر غوردون غراي، المدير التنفيذي لمركز التقدم الأمريكي، في مقال نشرته صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الامريكية السبت (16 مارس)، من أن الحرب في اليمن باتت تشكل تهديدا للمصالح الأمنية الإقليمية والدولية، مشيرا إلى عدد من الأسباب التي جعلته كذلك.
وخلص غراي، الذي عمل سفيرا لبلاده في تونس (2009 – 2012)، الى أن انهاء الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لن يوقف الحرب أو يعالج الأزمة الإنسانية في البلاد، لافتا إلى أن نقاشات الكونجرس الأخيرة حول هذا الموضوع، وتصويت مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، ليست سوى جانب واحد فقط من نقاش سياسي أعمق يؤكد على الحاجة الماسة إلى الدبلوماسية.
وعليه، وللحصول على جدية بشأن السلام في اليمن، دعا إلى أهمية فحص ومراجعة جميع التدابير اللازمة لمساعدة اليمنيين على تحقيق الاستقرار الدائم.
ووصف غراي الوضع في اليمن بأنه "خطير"، ولمعالجته بنجاح وشمولية فإن ذلك سيتطلب دبلوماسية متأنية، حيث من المؤكد أن يشهد الوضع المزيد من التقلبات نظرًا لطبيعة الصراع والاطراف المتصارعة داخل اليمن وخارجه.
وذكر الكاتب عدة أسباب تجعل اليمن، رغم أنه بلد بعيد وصغير نسبيا، تشكل أهمية كبيرة للولايات المتحدة. أهمها أن الحرب في اليمن تشكل تهديدا للمصالح الأمنية الإقليمية والعالمية، نظرا لوقوع اليمن على امتداد نقاط اختناق استراتيجية ورئيسية، مثل باب المندب- المضيق الذي يوصل اليمن بالقرن الأفريقي ويلعب دورا حيويا في حركة الملاحة البحرية الدولية.
وأضاف "كما تواصل الشبكات الإرهابية ذات النفوذ المؤثر كتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ، استغلال حالة عدم الاستقرار في اليمن. بالإضافة الى حقيقة أنه تم استخدام الأراضي اليمنية لمهاجمة دول مجاورة مثل المملكة العربية السعودية، مما أثار بدوره ردا عسكريا من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، وهو ما تسبب في تفتيت البلاد."
وشدد الكاتب على أن مسألة ايجاد حل للصراع في اليمن تستحق تكثيف الجهود الدبلوماسية الأمريكية الرامية لدعم جهود صنع السلام التي وصفها بـ"الهشة" التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مضيفا بأنها كذلك تستحق التنسيق مع الشركاء الرئيسيين في المنطقة مثل سلطنة عمان للحد من التوترات ولبناء الثقة، إذ أن القيام بذلك يعزز القيم الأمريكية والمصالح الأمنيةـ حسب الكاتب.
وفي هذا السياق، اثنى الكاتب على سلطنة عُمان، التي قال إنه زارها مؤخرا والتقى فيها بمسئولين كبار مشاركين في دعم جهود السلام، وأنها تواصل إرساء أسس التسوية التفاوضية في اليمن حيث بمقدور معرفتها للداخل اليمني، وعلاقاتها مع كلا الجانبين، وسمعتها الحسنة في الحياد، أن تثبت أهميتها في تعزيز الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للتوسط في سلام دائمـ مشددا بأنه لا يمكن أن يحدث حل فعال وشامل لحرب اليمن سوى في حال تم إشراك العديد من اللاعبين مع الفصائل المتحاربة داخل البلد- وهو طريق رأى الكاتب بأن عمان تسلكه.
وكشف الكاتب، أنه (والوفد المرافق له) عقدوا اجتماعا منفصلا مع قيادات رئيسية من الحوثيين الذين مثلوا الحركة في المفاوضات الدولية الأخيرة لإنهاء النزاع. وقال إن اللقاء جعلهم يدركون "مدى الصعوبة التي ستكتنفها مفاوضات السلام في اليمن" مستقبلا.
وأضاف: لقد سمعنا مباشرة من المصدر الأصلي في هذه المحادثات الخاصة، ما تعنيه أيديولوجية الحوثيين من أفكار فجة مناهضة للأمريكيين، لافتا إلى أنه "لا يزال من غير الواضح مدى سيطرة هذه الأصوات التي تجلس على الطاولات الدبلوماسية على القوات التي على الأرض".
وعليه، أشار إلى أنه "وبالنظر إلى تباين التصورات الدولية، وتصرفات أطراف فاعلة كالحوثيين، فإن من المحتمل أن تستغرق هذه الجهود الدبلوماسية والسياسية وقتًا طويلاً لكي تؤتي ثمارها".
وتطرق الكاتب إلى عدد من التحديات الماثلة، بما فيها تحديات على الصعيدين الإقليمي والدولي تواجه مسألة بناء دعم مستمر لكل من الجهود الدبلوماسية وإعادة الإعمار، حيث لم يعد اليمن ساحة لمجرد نزاع بين اليمنيين فحسب، بل أصبح أيضًا محور لصراع بين مراكز القوى الإقليمية. ما يجعل إشراك تلك القوى أمرا أساسيا لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. حيث وأن لدى جيران اليمن مصلحة مباشرة وموارد مالية لمساعدة البلاد على الوقوف والاعتماد على نفسها على المدى الطويل، كما بدا واضحا خلال مؤتمر المانحين الأخير حول اليمن.
وختاما أكد الكاتب بالقول "نحن مدينون للشعب اليمني باستخدام جميع الوسائل المتاحة لدعم السلام الدائم في بلدهم".