في دكان صغير تسكن " أم أحمد" وأسرتها بعد أن نزحوا من مدينة الحديدة إلى صنعاء قبل أشهر جراء اندلاع معارك بالقرب من مساكنهم، يواجه قساوة برد الشتاء والتشرد من منزله وخسارته مصدر رزقة، بالإضافة إلى محاولة التأقلم مع الواقع الجديد الذي أجبر عليه قسراً، ومع دخول الشتاء تضاعفت معاناته أكثر.
تنخفض درجة الحرارة في العاصمة صنعاء إلى ما تحت الصفر بدرجات، وهو ما يعرض كثير من الناس للأمراض الشتوية المزمنة، والتي تضاف إلى الحالة المعيشية المتدهورة لغالبية الناس جراء الحرب، حيث لا تجد غالبية الأسر التغذية السليمة الكافية بالإضافة إلى انعدام الوقاية الكافية من برد الشتاء القارس حتى بالبطانيات والملابس الثقيلة وتتفاوت معاناة الناس في هذا الجانب
وتعاني "أم أحمد" وأسرتها المكونة من أربعة أطفال وزوجها من تقلب الطقس بشكل كبير على أطفالها حيث كانوا يعيشون في الحديدة التي تعد من المدن الساحلية الحارة وانتقالهم إلى صنعاء جعل أطفالها أكثر عرضة للأمراض بسبب البرد كما أن السكن في دكان أرضي فاقم معاناتهم أكثر بالإضافة إلى تكلفة المعيشة.
قساوة النزوح والبرّد
في "حي السنية" الشعبي المكتظ بالسكان والذي يتجمع فيه غالبية نازحي مدينة الحديدة الذين فروا من الحرب خلال الأشهر الماضية، ويعد الحي مسكن لعشرات الأسر الفقيرة، وكان خيار "أحمد" للنزوح بناء على نصائح قدمها له نازحون قبله كون المنطقة يتوفر فيها دكاكين بإيجار منخفض بالإضافة إلى أنها منطقة يتشابه القاطنين فيها بالوضع المعيشي.
وقالت أم أحمد في حديث لـ"يمن شباب نت" خرجنا من مدينة الحديدة بعد اقتراب المعارك من منزلنا الصغير في شارع صنعاء، واضطررنا للهروب بأقل ما لدينا من أثاث وملابس بعد اشتداد المعارك، عده مناطق في المدينة نزحنا إليها واستقر بنا الوضع للسفر الى صنعاء لكي نستطيع العمل وتوفير مصدر دخل.
وعن معاناتهم مع فصل الشتاء البرد القارس في صنعاء، قالت ام أحمد "لم نرى الدفء منذ وصولنا إلى صنعاء، بسبب اننا جئنا من منطقة حارة ولا يوجد معنا ملابس ولا فراش أو بطانيات كافية بالإضافة إلى سوء الأوضاع التي نعيش فيها بعد أن فقد زوجي عمله وبدأ يعمل هنا في بسطة خضار".
وتعيش الأسر النازحة من مناطق الحرب إلى العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى معاناة مستمرة وتتفاقم أكثر مع دخول فصول السنة المختلفة، وتضاعف متطلبات الحياة لمواجهة أعبائها الباهظة.
أمراض الشتاء
بدء من الإنفلونزا ونزلات البرد والحمى تجتاح هذه الامراض كثير من السكان مع دخول فصل الشتاء، يواجه السكان كل هذه الأعباء دفعة واحدة بالإضافة إلى سلسلة المشاكل التي يواجهونها طوال العام نتيجة التدهور المعيشي والحالة الإنسانية التي يعيشها معظم اليمنيين.
وتقول "ام أحمد" ان اطفالها منذ دخول البرد وهم يمرضون ما بين الحين والآخر بسبب البرد ولا نجد ما يحميهم من الأمراض سواء في الوقاية المناسبة بالفراش والملابس الثقيلة، والتغذية السلمية التي تحمي الأطفال من الأمراض وهذا أكثر ما يتعبنا.
وتتعدد حاجات المواطنين في ظل غياب المساعدات الإنسانية والمنظمات الدولية، والتي تغيب في مثل هذه الحاجات الإنسانية الطارئة والملحة حيث تكتفى بالمساعدات النادرة فيما يخص السلال الغذائية والأدوية التي لا تصل مباشرة للمستفيدين حيث يصل إلى المستشفيات الحكومية والتي ليست متاحة للجميع للاستفادة منها مجاناً.
المشردون في الشوارع
وتثير شدة برودة الشتاء وجع فئات كثيرة في المجتمع تعاني مشاكل متراكمة، النازحين والفقراء والمشردين في الشوارع والعمال في أرصفة الشوارع الذين يستيقظون يومياً مبكراً للعمل في خلال ساعات النهار، تلك فئات تتألم أكثر في البحث عن الدفء في خلال فصل الشتاء القاسي.
وعمل المصور الفوتوغرافي "على السيندار" مع فريق متطوع على تأسيس حملة «#فيك_الخير» لتوزيع البطانيات والفرش للمشردين في الشارع والذين يقضون يومهم كامل على الأرصفة وينامون فيه، وهم كثيرون في العاصمة صنعاء بعضهم عمال ومختلين عقليا ومتسولين، لا يملكون منازل تؤويهم ينامون فيها.
وقال السنيدار في تصريح لـ "يمن شباب نت" قمنا بحملة "فيك خير" إستهدفنا رفقاء الرصيف بعد منتصف اليل وزرنا خمسة اماكن تحت الجسور والزبيري وكذلك قرب المستشفى الجمهوري وباب اليمن وباب السلام.
وأشار "أنه استفاد 40 شخص من المشردين في الشوارع في الشارع واستهدفنا المنازل كدفعة أولية وتم توزيع بطانيات لعدد 50 اسرة، وكل هذا بدعم من فاعلي الخير الذين يتواصلون معنا بشكل دائم، ونأمل ان نصل للكثير من المحتاجين".
وأوضح السنيدار "نحن مستمرون في استهداف العديد من الاسر خصوصاً في هذا الوقت من الشتاء حيث الطقس البارد الذي تعاني منه العديد من الاسر المعسرة والتي لا تجد ما تلتحف أثناء نومها وسنقوم في الأيام القادمة بتوزيع بطانيات خارج صنعاء في قاع القيضي وريمة حميد".
وبين سندان البرد ومطرقة التشرد والفقر يعيش المئات من الأشخاص في الشوارع طوال حياتهم لا يجدون سقفاً يحميهم من الريح والبرد وتقلبات فصول السنة، وتزداد قساوة معاناتهم في فصل الشتاء حيث يفتك "البرّد" بأجسادهم النحيلة، ويوجعهم أيضاً خذلان الرصيف لهم في برودته