أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، لمجلس الأمن الدولي عن شعوره "بخيبة أمل" لعدم حضور وفد الحوثيين من صنعاء إلى العاصمة السويسرية (جنيف)، للمشاركة في المباحثات اليمنية التي كانت مقررة نهاية الأسبوع الماضي، برعاية الأمم المتحدة.
وعقد مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء جلسة طارئة حول اليمن بدعوة من بريطانيا، بعد تخلف ميليشيات الحوثي عن الحضور الخميس الماضي إلى جنيف للمشاركة في النقاشات التي دعا إليها المبعوث الأممي إلى اليمن، بهدف بناء الثقة، وحضرها وفد الحكومة الشرعية فقط.
وقدم المبعوث الأممي، غريفيث، إحاطته أمام المجلس الدولي، والتي أكد فيها على إن هذا الأمر (تخلف الحوثيون عن حضور المفاوضات): "ليس ما كنت قد خططت له في الأسبوع الماضي". وأضاف "وأنا بالتأكيد لا أرغب في رؤية حدوث ذلك مرة أخرى، ولا يرغب أحد منا بذلك"، مستدركا: "ولكنني سأستمر".
وأستأذن غريفيث من الرئيسية الحالية لمجلس الأمن "في عدم الخوض في التفاصيل المتعلقة بالعديد من القضايا التي تعيّن علينا أن نتغلب عليها معاً"، مضيفا "وإن لم ننجح في النتيجة في إحضار الوفد إلى جنيف".
وفي حين أكد المبعوث الأممي على أنّ الجميع بذلوا الجهود "جميعنا في جنيف، في عمان، في التحالف، وبالتأكيد في حكومة اليمن لمحاولة التغلّب على القضايا التي واجهتنا، لكن الجهود لم تنجح، لم ينجح الأمر"، فقد وعد المبعوث أعضاء المجلس الدولي "أن هذا الامر لن يتكرّر".
ومع أنه تحدث، ضمن إحاطته، عما يمكن أن تشهده العملية السياسية في اليمن، مثل الكثير من العمليات من هذا النوع، من "تقلّبات عديدة صعوداً وهبوطاً"، إلا أنه أعتبر انها "ليست دلالة على أن الوضع السياسي والعسكري" رغم أنه مريع، "لن يُفضي إلى إجراء مشاورات رسمية".
وقال إن دوره "هو العمل مع الأطراف لفهم مخاوفهم وآمالهم وتطلّعاتهم، حتى أتمكن من تقديم المساعدة والدعم اللازمين لدفع العملية إلى الأمام". وأضاف: "وبالتالي، فإنّ دوري، ربما، بشكل مثير للجدل نوعاً ما، هو أن أشجّعهم، لا أن أفشي امورهم، أن أعمل معهم لا أن أُضعفهم، مع تذكيرهم بضرورة احترام التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني والمجتمع الدولي".
وأكد على أنه سيواصل مباحثاته في الأيام القادمة من خلال مجموعة من الزيارات إلى العاصمة العمانية (مسقط)، اليوم الأربعاء، "ومن بعدها صنعاء، للقاء القيادات السياسية في هاتين المدينتين"، موضحا أهدافه من هذه الزيارات. في حين أعرب عن أمله في زيارة الرياض للقاء الحكومة اليمنية والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. كما أعرب عن نيته أيضا التشاور قريباً، "مع عدد من الاطراف الجنوبية للاتفاق على مشاركتها الفعّالة في العملية".
"يمن شباب نت" ينشر النص الكامل للإحاطة:
إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن السيد مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن:
سيدتي الرئيسة؛
أشكرك جزيل الشكر سيدتي الرئيسة، وأسمحي لي أولاً أن أعرب عن تعاطفي معكِ سيدتي الرئيسة، ومع حكومتكِ وشعبكِ في ذكرى هذا اليوم المأساوي.
سيدتي الرئيسة؛
عندما دعوت إلى المشاورات اليمنية في جنيف، لم أتوقّع أبداً أن تكون المهمةً سهلة، إذ لم يلتقِ الطرفان منذ أكثر من عامين، وتشهد الحرب تصعيداً على جميع الجبهات تقريباً، وبلغت الثقة أدنى مستوياتها، والكلفة البشرية والإنسانية ترتفع باستمرار، وقد علق الأطراف في دوامة من العنف. في المُقابل، فإن الشعب اليمني، وهو الضحية الرئيسية لهذه الحرب، يتوق بطبيعة الحال إلى حلٍ سياسي سلمي يضع حداً لبؤسه، ويوقف الحرب، ويأتي بحكومة قادرة على تلبية احتياجاته الأساسية. وأدركت أيضًا، أنّ هذا لم يعد سباقًا بين الحلول والمؤسسات السياسية والعسكرية، بل هو سباق لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة بأسرع ما يمكن. وانطلاقا من هذا الشعور المُلِحّ، تشجعت كما تعلمون سيدتي الرئيسة على المضي قدماً مع الأطراف من أجل ضخّ بعض الأمل ووضع نهج بديل لنهج الحرب.
بعد عدة أشهر، سبعة أشهر من المناقشات المكثّفة، واستناداً إلى قناعتي القوية التي أيّدها هذا المجلس بالتوصّل إلى حلّ سياسي، قرّرت الدعوة إلى إجراء مشاورات رسمية من شأنها أن تؤدي إلى استئناف العملية السياسية، وفي الواقع كان لي الشرف أن اكون معكم في الثاني من آب/أغسطس للإعلان عن هذه المشاورات. ويسعدني في الواقع أن أبلغ هذا المجلس أنه على الرغم من غياب أحد طرفي المشاورات في جنيف في الأسبوع الماضي، وإن لم تجرِ الأمور كما كان مخططاً لها، غير أننا تمكّنا من إعادة إطلاق العملية السياسية بدعم قوي واضح من الشعب اليمني والمجتمع الدولي.
لقد شعرت بالطبع بخيبة أملٍ مثل أي شخص، لأننا لم نتمكن من إحضار الوفد من صنعاء إلى جنيف. هذا بالتأكيد ليس ما كنت قد خططت له في الأسبوع الماضي، وأنا بالتأكيد لا أرغب في رؤية حدوث ذلك مرة أخرى، ولا يرغب أحد منا بذلك. ولكنني سأستمر، وبالإذن منكِ سيدتي الرئيسة، في عدم الخوض في التفاصيل المتعلقة بالعديد من القضايا التي تعيّن علينا أن نتغلب عليها معاً وإن لم ننجح في النتيجة في إحضار الوفد إلى جنيف. وأودّ أن أؤكّد هنا أنّ الجميع بذلوا الجهود، جميعنا في جنيف، في عمان، في التحالف وبالتأكيد في حكومة اليمن لمحاولة التغلّب على القضايا التي واجهتنا، لكن الجهود لم تنجح، لم ينجح الأمر. أعدكم أن هذا الامر لن يتكرّر.
سيدتي الرئيسة؛
سوف تشهد العملية السياسية اليمنية، مثل الكثير من العمليات من هذا النوع، تقلّبات عديدة صعوداً وهبوطاً، والتحديات التي واجهناها الأسبوع الماضي، تبقى عقبات مؤقتة يجب التغلّب عليها. وأعتقد أن هذه هي رسالتي الرئيسية. في رأيي، انها ليست دلالة على أن الوضع السياسي والعسكري، وهو وضع مريع، وربما لأنه مريع، لن يُفضي إلى إجراء مشاورات رسمية. نحن بحاجة إلى الاستمرار في التركيز على تعزيز العملية السياسية لا سيما في هذه المراحل المبكرة الهشة، وخلق الزخم اللازم بحيث يمكن تحقيق بعض الخير الملموس لليمنيين في جميع أنحاء اليمن. وهذه العملية لا تقتصر ببساطة على الانتقال من حدث كبير وسريع إلى الحدث الذي يليه، بل هي بحاجة إلى التصميم والالتزام والإرادة السياسية من قبل جميع الأطراف، بما في ذلك بالطبع أعضاء هذا المجلس، بالإضافة إلى الحاجة الى وضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار آخر. أرى أنّ دوري هو العمل مع الأطراف لفهم مخاوفهم وآمالهم وتطلّعاتهم، حتى أتمكن من تقديم المساعدة والدعم اللازمين لدفع العملية إلى الأمام. وبالتالي، فإنّ دوري، ربما، بشكل مثير للجدل نوعاً ما، هو أن أشجّعهم لا ان أفشي امورهم، أن أعمل معهم لا أن أُضعفهم، مع تذكيرهم بضرورة احترام التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني والمجتمع الدولي.
سيدتي الرئيسة؛
بينما تستأنف الأطراف هذه الجهود الرسمية من أجل التوصّل إلى تسوية وبناء الثقة، من المهم ألا نسمح لأنفسنا بأن ننزلق مرة أخرى في مواجهات عسكرية واسعة النطاق. كما قلت، يتصاعد القتال من جميع الجهات، لكننا لم نشهد حتى الآن عمليات على مشارف مدينة الحديدة ولم نشهد بعد هجومًا على المدينة والميناء، وآمل ألاّ يحصل ذلك.
كما ذكر هذا المجلس مرارًا وتكرارًا، نشعر بالقلق إزاء إطلاق الهجمات من قوات أنصار الله باتجاه المملكة العربية السعودية، وتدل الهجمات على البحر الأحمر على انّ هذا النزاع يشكّل تهديداً مستمراً للأمن الإقليمي.
وبالإضافة إلى ذلك، سيدتي الرئيسة، إن استمرار هبوط قيمة الريال اليمني والتراجع الاقتصادي الحاد يضع الناس في ظروف أكثر صعوبة ويدفعهم نحو الفقر. إن الإحباط آخذ في الارتفاع وهذا يجلب معه تهديداً بنشوب نزاع لاسيما في الجنوب. فخلال الأيام العشرة الماضية، كانت هناك مظاهرات واسعة الانتشار في محافظات جنوبية، حيث أعرب المتظاهرون عن قلقهم إزاء الوضع الاقتصادي وغياب الخدمات الأساسية. هذا يذكّرنا بأهمية الاستماع إلى الأصوات الجنوبية وضمان مشاركتها الفعّالة في التدابير لوضع حد لهذا النزاع. لقد التقيت العديد من المجموعات الجنوبية في الأشهر الأخيرة وسأجتمع بها مرة أخرى، وقد أيدت بقوة حلّ مخاوفها من خلال الحوار ويسرّني أن أقول أنها حريصة على المشاركة في عملية السلام.
سيدتي الرئيسة؛
سأواصل مباحثاتي في الأيام القادمة من خلال مجموعة من الزيارات حيث سأزور غداً مسقط ومن بعدها صنعاء، للقاء القيادات السياسية في هاتين المدينتين. ولهذه الزيارة هدفان: أولاً، تحقيق تقدّم ملموس بناءً على المناقشات التي جرت في جنيف، حول تدابير بناء الثقة، والتي تشمل تبادل السجناء وفتح مطار صنعاء، وإن ما يشجعني كثيراً هو النهج الإيجابي والبنّاء الذي لمسته من الحكومة اليمنية ومن التحالف ودعمهم لهذه القضايا، وأنا حريص أن أضع التزاماً علنياً حول احراز تقدم في هذه القضايا في الأيام القادمة؛ هدفي الثاني، بالطبع، ومن غير المستغرب، هو ضمان التزام قوي من الأطراف بعقد مشاورات إيجابية ومستمرة.
آمل أن ألتقي بالحكومة اليمنية في الرياض وأتطلع إلى لقاء الرئيس هادي، ويجب أن أقول هنا أنني ممتن للغاية للرئيس هادي على دعمه الشخصي ودعم حكومته لكل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتوفير حلّ سياسي لهذا النزاع. وأنا ممتن له ولحكومته على حضور وفده الى جنيف وعلى المشاركة البنّاءة التي حظينا بها خلال تلك الظروف غير العادية في جنيف.
وانوي التشاور قريباً، كما قلت، مع عدد من الاطراف الجنوبية للاتفاق على مشاركتها الفعّالة في العملية. أودّ أن أضيف انّ مجموعة من النساء اليمنيات حضرن الى جنيف وتميّزن بخبرة ومعرفة قوية في عدد من القضايا. وبما انه كان لدينا متسع من الوقت، أصبح لدينا مسار إيجابي للغاية للسير قدماً، يتعلق بكيفية تقديم المجموعتين المشورة لي والاسهام بشكل كبير في هذه العملية بينما نمضي قدمًا.
الشمولية هي أمر أساسي لنجاح هذه العملية، في حين أن الطرفين هما الطرفان الرئيسيان، فإنه ينبغي علي مواصلة إجراء مشاورات أوسع مع الأشخاص الذين أعتقد أنّ بإمكانهم تقديم المشورة لي للقيام بمهمتي بشكل أفضل.
في الختام، سيدتي الرئيسة، ان السبب الذي يجعلني أشعر بالامتنان الشديد لك هو الدعوة الى هذه الجلسة اليوم بعد فترة وجيزة من جنيف، وقبل أن أتمكن من وضع الخطوط العريضة لمسار إيجابي للعودة إلى السلام، وأود أن أقول التالي، الطريق إلى السلام ليس مستقيماً أبداً. سنواجه الصعوبات على الدوام خاصة في وقت تستأنف فيه العملية بعد عامين من العداء والمعارضة والشك والارتباك وانعدام الثقة. ليس من المستغرب أن يكون هناك من يجد صعوبة في الحضور في هذه الحالة، وليس من المستغرب أن يكون هناك من يجد بعض العناصر المهمة لمصلحته في عدم حضوره. لن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي سنواجه فيها صعوبات، ولكنني متأكد من أنها ستكون المرة الأخيرة التي نواجه فيها هذه الصعوبة على وجه الخصوص، لكن هذا لا يعني ولو للحظة، وهذا هو سبب سعادتي لوجودي هنا سيدتي الرئيسة، أن عملية السلام أصبحت أكثر صعوبة، بل قد تكون أصبحت أكثر إلحاحا وأعتقد أننا تعلمنا الكثير في جنيف، وأود لو سمحتم لي، أن أطلب استمرار دعم المجلس لجهود المجتمع الدولي ولجهود مكتبي المبذولة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات بأقصى سرعة.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 12 سبتمبر, 2018
المبعوث الأممي لليمن يطالب مجلس الأمن بدعمه لمواصلة مهمة السلام