الإصابة بسرطان الثدي ليست المأساة الوحيدة التي تواجه أسماء حمود البالغة من العمر 23 عاماً؛ فالفقر والوضع الأمني ونقص أدوية السرطان وعدم انتظام جلسات العلاج الكيميائي ساهم في مفاقمة آلامها.
قبل ستة أعوام، أظهر التشخيص إصابة أسماء بسرطان الثدي. وباتت محاولاتها لتلقي العلاج في مديرية جبلة، محافظة إب، بالفشل.
"اضطررت للسفر إلى تعز لتلقي جلسات العلاج الكيميائي لكن بسبب الاشتباكات سافرت إلى صنعاء رغم عدم وجود أقارب لي هنا أستطيع البقاء معهم"، تقول أسماء.
مرضى منسيين
في اليمن، تلقى أكثر من 60,000 مريض بالسرطان (12% منهم من الأطفال) العلاج في المركز الوطني لعلاج الأورام في صنعاء منذ العام 2005.
تفاقمت حياة مرضى السرطان في اليمن بسبب الصراع الممتد منذ ثلاثة أعوام، والذي أدى إلى انهيار تدريجي للنظام الصحي وإفقار الملايين. وحتى ما قبل هذه الأزمة، عانى هؤلاء المرضى من تحديات اقتصادية كبيرة أعاقت استمرارية وانتظام علاجهم.
وتصارع معظم عائلات المرضى لتوفير تكاليف العلاج بما فيها الأدوية باهظة الثمن وتكاليف السكن والمواصلات.
وفي اليمن، تلقى أكثر من 60,000 مريض بالسرطان (12% منهم من الأطفال) العلاج في المركز الوطني لعلاج الأورام في صنعاء منذ العام 2005. غير أن المركز، الذي يستقبل المرضى من كافة المحافظات، يعاني من تعثر ميزانيته السنوية.
وقبل تصاعد الأزمة، اعتادت الحكومة توفير ميزانية سنوية قدرها 12 مليون دولار للمركز الوطني لعلاج الأورام، لكن المركز لم يتلقَ أي دعم حكومي منذ حوالي عامين، وبات معتمداً تماماً على الدعم الخارجي المحدود. وأعلن المركز مراراً بأنه على وشك الإغلاق، وهي الخطوة التي ستحرم الآلاف من المرضى من تلقي العلاج الإشعاعي والكيميائي المنقذ للحياة.
ويقول الدكتور علي الأشول، مدير عام المركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء: "نحاول جاهدين على إبقاء المركز مفتوحاً، لكن لا نمتلك الأدوية الكافية وليس لدينا أي خيار سوى مشاهدة المرضى وهم يفقدون حياتهم بسبب غياب العلاج. المرضى الفقراء يغادرون المركز ويموتون في بيوتهم بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج".
وتمتلئ الأسِرَة والكراسي بالمرضى داخل المركز، فيما يتعالج مريضين في سرير واحد في بعض الأقسام. أكرم، 8 أعوام، يعاني من ورم في الغدد اللمفاوية، وتجلس بجواره على نفس السرير شقيقته أشجان، 7 أعوام، وهي الأخرى تعاني من ورم في المخ. انتقل الشقيقان بمعية والدهما من مديرية وصاب إلى صنعاء لتلقي العلاج.
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها المركز على نقص الأدوية والنفقات التشغيلية فقط؛ فقد غادر بعض أخصائيي علاج الأورام وغيرهم من الأطقم الطبية البلد بسبب استمرار الصراع وعدم دفع الرواتب وانهيار الوضع الاقتصادي.
يضيف الدكتور الأشول: "هناك هجرة عقول لأخصائيي علاج الأورام ذوي الخبرة وغيرهم من الأطقم المتخصصة. وإذا لم يتحسن الوضع، فإننا سنواجه مشكلة كبيرة والعديد من الدكاترة سيغادرون البلد بحثاً عن فرص أفضل".
تدخلات منقذة للحياة من قبل المانحين
أكرم، 8 أعوام، يعاني من ورم في الغدد اللمفاوية، وتجلس بجواره شقيقته أشجان، 7 أعوام، وهي الأخرى تعاني من ورم في المخ. انتقل الشقيقان بمعية والدهما من مديرية وصاب إلى صنعاء لتلقي العلاج.
بدعم من البنك الدولي وألمانيا، ستقوم منظمة الصحة العالمية بتزويد المركز الوطني لعلاج الأورام بمجموعة من أدوية السرطان ومستلزمات العلاج الكيميائي تصل قيمتها إلى 2.5 مليون دولار، وتكفي لعلاج حوالي 30,000 مريض. وقد قامت المنظمة بشراء هذه المستلزمات ليتم شحنها لليمن خلال الأشهر الأولى من العام الجاري.
ولسد الاحتياجات حتى وصول الشحنة المذكورة، قدمت منظمة الصحة العالمية اليوم مجموعة من أدوية السرطان والعلاج الكيميائي للمركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء وهي تكفي لعلاج حوالي 5,000 مريض لمدة شهر.
ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن: "في العام 2017 فقط، سُجلت أكثر من 10,000 حالة سرطان، لكن 40% فقط من هذه الحالات تلقت العلاج الكامل. وهذا مؤشر واضح لمدى الظروف القاسية التي يمر بها هؤلاء المرضى".
ويستطرد: "يتوجع أهالي مرضى السرطان في اليمن وهم يشاهدون أطفالهم يقاسون الألم أو يفقدون حياتهم بسبب غياب العلاج الكامل".
ويتوفر العلاج للأمراض المزمنة، مثل السرطان والسكري وارتفاع ضغط الدم، فقط في حوالي 20% من المرافق الصحية في اليمن. ونتيجة لذلك، فإن هذه الأمراض تتسبب في قتل المزيد من السكان أكثر مما تتسبب به القنابل والرصاص، وهي مسؤولة عن 39% من إجمالي الوفيات المُسجلة في العام 2017.
*المادة أعلاه مع الصورة مأخوذة من المركز الإعلامي لمنظمة الصحة العالمية