تروي تسنيم البالغة من العمر 21 عاماً قصة مسيرتها التعليمية وكيف أعاق الحوثيون طريق إكمال دراستها الجامعية هي وكثير من الطلاب والطالبات الذين يدرسون على نفقة المؤسسات الخيرية، حيث أُجبرت في نهاية عامها الدراسي على التوقف عن الدراسة بعد نحو 16 عاماً منذ بداية الالتحاق بالمدرسة وحتى تأريخ توقفها عن الدراسة بالجامعة.
تقول تسنيم لـ"يمن سباب نت" بدأت طفولتي في مدرسة سالم الصباح بمدرية شعوب أمانة العاصمة، ودرست فيها حتى آخر المرحلة الابتدائية والإعدادية، بعدها توفي والدي وأكملت دراستي الثانوية في مدرسة الخنساء بحي المشهد وحصلت على نسبة 89% في الشهادة الثانوية وعندها بدأت مشواري الجامعي".
وتواصل" كانت كلية الحاسوب وتكنلوجيا المعلومات بجامعة صنعاء هي الوجهة الأولى لي منذ دخولي الجامعة، وفي البداية لم أستطع التسجيل فيها الأمر الذي جعلني أبحث عن وسيلة أخرى تمكني من التسجيل بالكلية التي أرغب في إكمال مسيرتي التعليمية".
البداية والنهاية
وتضيف:" ذات يوم أخبرونا بوجود منح خاصة بطلاب النفقة الخاصة والمعاقين في بعض المؤسسات الخيرية الخاصة ومن خلالها يتم الحصول عليها، كنت حينها برفقة اثنتين من زميلاتي وعندها قررت التسجيل في مؤسسة اليتيم التنموية (مؤسسة خاصة) واجتزت الاختبار والدورة المعتمدة في المؤسسة وحصلت خلالها على الأولى في التقدير وعبرها تم إعطائي منحة جامعة من المنح المعتمدة للمؤسسة".
وتابعت" سجلت في الكلية والتحق بزميلاتي هناك وعلى مدى ثلاث سنوات لم أدفع أي رسوم مالية اجتهدت فيها وحقق نتائج مبهرة وفي السنة الرابعة المتزامنة مع الحرب وانقطاع المرتبات تفاجأت أنا وكثير من طلاب وطالبات النفقة الخاصة بقرار من رئاسة جامعة صنعاء (الخاضعة لسيطرة الحوثيين) بضرورة دفع طلاب النفقة الخاصة رسوم جامعة تقدر ??? ألف يمني (??) دولار أمريكي".
وتكمل تسنيم قصتها" عند وصولي إلى كليتي بالجامعة تفاجأت بإغلاق باب الكلية الرئيسي ووضع أمام البوابة ورقة تنبيه للطالبات بضرورة التوجه إلى البوابة الخلفية للكلية للدخول منها".
بعد ذلك توجهت مباشرة إلى البوابة الخلفية وهناك تفاجأت بالكثير من زميلاتها يقفن على البوابة سألتهن "ما بكن ليش متجمعات" فكان ردهن" طلبوا مننا البطائق وسندات دفع الرسوم وكمان فتش الوجه" لضمان استخدام بطائق زميلاتهن اللاتي باشرن بالتسديد.
وأردفت" حاولنا معهم ورفضوا وذهبنا لرئاسة الجامعة وكان ردهم لازم ندفع مع تخفيض ??%ٍ، عدنا العمادة الكلية وكان مبررهم أن ذلك ليس بيدهم وهذه أوامر رئاسة الجامعة".
واختتمت" انتهى وقت الامتحان ولم يسمحوا لنا بالدخول خسرت انا وزميلتي اللاتي هن بجوارها مادتين أساسيتين في اختبار نصف الترم ومنها بدأ اليأس يدب قلبي بعدم قدرتي على المواصلة فقررت التوقف عن الدراسة لهذا السبب".
قصة أخرى
وحالة الطالبة تسنيم ليست الوحيدة في الكلية فالطالبة "ع.م"، التي اكتفت بذكر الحروف الأولى من اسمها، شرحت هي الأخرى قصتها بالقول: "أفكر في توفير حق المواصلات وشراء الملازم ولحظة وصولي الكلية تم منعي من الدخول ما لم أعطِ لهم سند التسديد؛ أنا في مستوى ونفقة خاصة رابع ولا أملك مالاً، وما فيش رواتب".
وقالت في تصريح لـ"يمن شباب نت" " تهمتنا لديهم أننا جئنا من مؤسسات تابعة لحزب الإصلاح والخونة على قولتهم (الموالين لصالح)، ولازم ندفع أو نترك الدراسة".
وتقول مصادر لـ"يمن شباب نت" إن المؤسسات والمنظمات الخيرية العاملة في صنعاء، أغلقت بشكل كامل وتم نهب محتوياتها ومصادرة أموالها واختطاف معظم العاملين فيها، ومن لم تستطيع الوصول إليه يتم مطارته حتى الآن.
وأشار المصدر إلى أن كثير من الأسر والأيتام تعيش اليوم في وضع اقتصادي سيء للغاية لا يمكن وصفة، فقد كانت تعتاش من خيرات وجهود هذه الجمعيات الخيرية التي أغلقتها المليشيات الحوثية بدوافع سياسية منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014.
عقاب حوثي
وفي ديسمبر الماضي أصدرت رئاسة جامعة صنعاء (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، قرار عقابي بحق طلاب النفقة الخاصة المبتعثين من المؤسسات الخيرية، التي أغلقتها الجماعة عقب سيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 من سبتمبر 2014.
وذكرت مصادر طلابية لـ" يمن شباب نت" أن القرار استهدف طلاب مؤسستي "اليتيم التنموية"، و"الصالح الخيرية"، وذوي "الاحتياجات الخاصة"، لافتة إلى أن تعميماً من رئاسة الجامعة قضى بضرورة دفع رسوم مالية تقدر بنحو 350 ألف ريال يمني (تعادل 750 دولار أمريكي) عن كل عام.
وأشار المصدر الطلابي، إلى أن عمادة الكليات ومن خلفها رئاسة الجامعة وضعت طلاب وطالبات النفقة الخاصة وبينهم طلاب النظام الموازي أمام خيارين لا ثالث لهما، "دفع الرسوم أو ترك الدراسة".
وأوضح أن رئاسة الجامعة وعمادة الكليات وجهت بإنهاء ملفات طلاب النفقة الخاصة المبتعثين من قبل هذه المؤسسات الخاصة، بدعوة أنها تتبع حزب الإصلاح اليمني والرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح في حال لم يدفعوا.
وتخضع جامعة صنعاء لسيطرت المليشيات الحوثية، منذ ثلاثة أعوام حيث قامت خلال هذه المدة بالتدخل في الشؤون الداخلية للجامعة من خلال التعيينات المخالفة للقوانين، وكذلك الاعتداء على الكثير من أعضاء هيئة المدرسية، بالإضافة إلى حرمان الكثير منهم بدوافع سياسية، كما قامت بنهب مخصصات الجامعة من الدولة وعائدتها من النظام الموازي الأمر الذي جعل من التعليم فيها شبه منعدم في ظل توقف كثير من الطلاب والطالبات عن الدراسة.