يبدو أن تأثير السلوكيات البشرية على كوكب الأرض لم يقف عند التحضر الجائر على الغابات أو التغير المناخي أو التلوث الصناعي للماء والهواء، بل تخطاها إلى تغيير سلوكيات الكائنات الأخرى بما يعرضها للخطر أو يقضي عليها.
فوفق موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) العلمي، وجد باحثون من جامعة كوينزلاند الأسترالية أن الدلافين قارورية الأنف في خليج موريتون قبالة بريسبين الأسترالية، يمكن أن تقوم بتعليم الدلافين الأخرى "التسول" للحصول على الطعام من الصيادين، مشيرين إلى أن هذا السلوك يعرضها لمخاطر قصيرة وطويلة الأجل.
وكانت الدكتورة ليوني هوجسر من كلية العلوم البيطرية بالجامعة الأسترالية، تجري بحثا في البنية الاجتماعية للدلافين قارورية الأنف في خليج موريتون بين أعوام 2017 و2020 من أجل إعداد أطروحة الدكتوراه، حين وجدت مجموعة من تلك الدلافين تقوم باستمرار بالمرور على القوارب الراسية، في انتظار أن يلقي إليها الصيادون الطعام، ولأن الصيد شائع في ذلك الخليج فقد تعلمت بعض الدلافين استغلاله.
"مخاطر متعددة"
تقول هوجسر في بيان صحفي نشر على موقع الجامعة في 23 يونيو/حزيران 2023، إن سلوك التسول كان خطيرا على الدلافين، "فهي تتعلم السلوك من أقرانها. إذا بدأت هذه الدلافين (المتسولة) في الارتباط بالدلافين (غير المتسولة)، فقد ينتشر السلوك بسرعة؛ ما يجعلها مشكلة على مستوى السكان"، وقد شوهدت مجموعات من الدلافين التي تمارس هذه السلوكيات قبالة جزيرة بريبي وجزيرة سترادبروك الشمالية.
تقول هوجسر إن بعض الدلافين التي تقترب بجرأة من القوارب "قد تصطدم بالمرواح أو تتشابك مع خطوط الصيد".
ويذكر تقرير "ساينس ألرت" أن 5 دلافين وصغارها على الأقل بدأت تُظهِر علامات التسول قبالة جزيرة في خليج موريتون، ما يعني أن الأجيال القادمة تتعلم الحيلة أيضا، والدلافين ليست أول من يستجيب ويتكيف مع السلوك البشري، بل إن حيتان الأوركا تهاجم وتُغرِق السفن قبالة الساحل الإيبيري لأوروبا، وهي سلوكيات غريبة على طبيعتها.
"قوانين للحد من المخاطر"
ورغم أن إطعام الدلافين غير قانوني في خليج موريتون، فإن من الصعب تطبيق القانون عندما تكون قوارب الصيد في الماء بعيدة عن الشاطئ. وفي خليج آخر بالقرب من بريسبين، فرضت السلطات مؤخرا غرامة تبلغ عدة مئات من الدولارات على رجل لإطعامه الدلافين بقايا طعامه؛ وحذروه من أن العقوبات يمكن أن تصل إلى 17 ألف دولار أسترالي (11 ألفا و252 دولارا أميركيا).
وكان البروفيسور "مايكل نواد" أشرف على مشروع بحث الدكتورة هوجسر، وقال إن النتائج التي توصلت إليها تُظهر مدى قدرة الدلافين على التكيف وكيف أثر ذلك على هياكلها الاجتماعية، "وليست كل عمليات التكيف إيجابية، فالتسول مثال على إستراتيجية تكيفية قد يكون لها مكاسب قصيرة الأجل ولكنها مخاطر طويلة الأجل.
فالدلافين تخاطر بالاعتماد على الأسماك المتبرع بها، والتي تعد -مثل الوجبات السريعة بالنسبة لها- سريعة وسهلة، ولكنها غير صحية. وقد يؤدي (التسول) إلى التسمم الغذائي أو اختلال التوازن الغذائي".
ويشير نواد إلى الحاجة إلى مراقبة أفضل لتغذية الدلافين غير القانونية في خليج موريتون، "ويجب استخدام نتائج الدكتورة هوجسر من قبل حراس الحياة البرية لزيادة الوعي من خلال برنامج تثقيف عام حول الآثار السلبية المحتملة لتغذية الدلافين".
وتخطط الدكتورة هوجسر حاليا لإجراء مزيد من الاستطلاعات لإبلاغ السلطات حول "نقاط التسول الساخنة".
المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية