لماذا يُشعرنا الحنين إلى الماضي بالحزن؟

هل أنت ممن يحنّون كثيرا إلى الماضي، هل تحب أن تجترّ الذكريات وتخبر الآخرين عنها، ما الذي تعتقد أنك تفتقده الآن بعد أن كان لديك في الماضي؟ 
 

يُعرّف آرت ماركمان -عالم النفس بجامعة تكساس- معنى الحنين بشكل عملي في مقال له على موقع "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday)، فيقول "لقد أمضيت الأشهر الستة الماضية في العمل من المنزل بسبب جائحة كوفيد-19، وفي معظم ذلك الوقت كنت أعمل من غرفة واحدة صغيرة بمنزلي. أفتقد الأيام التي كنت أتجول فيها في حرم جامعة تكساس مرات عدة في اليوم، أذهب إلى فصل دراسي أو اجتماع. هذه المشاعر هي حنين إلى الماضي، شوق إلى شيء ما في الماضي". 
 

تأثير الحنين

ولكن ما تأثير الحنين على مشاعرنا؟ هل يُشعرنا بالحزن أم بالسعادة أم بالغبن أم بالرضا؟ 
 

حاول مجموعة من الباحثين تقديم إجابة عن هذا السؤال بورقة بحثية نُشرت في فبراير/شباط 2020 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) .
 

ووجدت الدراسة أن الميل إلى الشعور بالحنين للماضي يرتبط بتجربة المشاعر السلبية والاكتئاب والندم، كما ترتبط المستويات الأعلى من الحنين بالبحث عن معنى للحياة. 
 

وكشفت الدراسة كذلك أن الأشخاص الذين يصنفون أنفسهم على أنهم أكثر حنينا إلى الماضي يميلون إلى الشعور بمشاعر وعواطف سلبية أكثر من أولئك الذين يصنفون أنفسهم على أنهم أقل حنينا إلى الماضي. 
 

كما تشير نتائج الدراسة إلى أن الحنين إلى الماضي ينشأ من الشعور بالعزلة، ويؤدي إلى مشاعر سلبية في المستقبل.
 

ويقول الباحثون إن نتائج الدراسة تختلف عن نتائج مثيلاتها السابقة التي تناولت الشوق إلى الماضي ووجدت أنه يجعل الناس يشعرون بالرضا. 
 

ولكن ما هو مصدر هذا الاختلاف؟ يقول الباحثون إن سبب هذا الاختلاف هو أن هذه الدراسات لا تخبرنا كثيرا عما يحدث عندما يشعر الناس بالحنين إلى الماضي خلال كل يوم من حياتهم. 
 

ولكن هذه الدراسات عادة تطلب من الناس التفكير في حدث يبعث على الحنين لديهم، وعادة يكون هذا الحدث أكثر إيجابية في يوم حزين. 
 

وفي الدراسة الجديدة، حينما أكمل المشاركون فيها تجارب يومية قاموا بتقييم مدى حنينهم إلى الماضي في كل يوم، وأظهرت النتائج أن الأيام التي شعر فيها الناس بالحنين إلى الماضي كانت هي الأيام التي شعروا فيها بالسوء. 

  

لماذا نشعر بالحزن؟

من المؤكد أن اندفاع الحزن لدينا عند اجترار الماضي ينبع من التساؤل عما إذا كان أو ما يمكن أن يكون وما إلى ذلك. لكن علماء النفس والخبراء في هذا المجال يعتقدون أن المشاعر عموما لها تأثير إيجابي قوي على صحتك العقلية، وفي بعض الأحيان يمكن أن تشعرك الأفكار الحنينية بالرهبة أكثر من الشعور بالراحة. لكن أولا يجب معرفة كيف يكون الحنين إلى الماضي مفيدا لنا. 
 

 حلو ومر

تقول كريستين باتشو الخبيرة في "النوستالجيا" (التوق الى الماضي) في مقال لها على موقع جمعية علم النفس الأمريكية (APA)، إن الحنين إلى الماضي حلو ومرّ بطبيعته، لأنه يذكرك بالتغيير من جهة، ومدى ثراء حياتك من جهة أخرى.
 

وتضيف باتشو أنه "أثناء الأوقات الصعبة يمكن لتذكر ماضينا والرجوع إليه أن يقوينا من خلال تذكيرنا بكيفية تجاوزنا للتحديات، أو الخسارة، أو الإصابة، أو الفشل، أو سوء الحظ في الماضي". 
 

وتابعت "عندما نشعر بالحزن أو الإحباط، قد يكون من دواعي السرور أن نتذكر أننا ما زلنا الشخص الذي كان سعيدا وقويّا ومنتجا". لكن قد لا يشعر بعض الناس بالراحة عند التفكير في ماضيهم، وبدلا من ذلك يجعلهم يشعرون بالاكتئاب". 
 

تقول الدكتورة باتشو "إذا كنت شخصا يميل إلى الشعور بالضيق عند تأمّل الذكريات، فقد تكون هناك طريقة بسيطة لتغيير وجهة نظرك، فكّر في الأشخاص الذين كنت قريبا منهم في ذلك الوقت". 
 

وتوضح "في الحقيقة.. لن يجلب لك الحنين دائما الشعور بالدفء والغموض، ولذلك من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو الانزعاج عندما تفكر في ذكريات معينة. أهم شيء يجب تذكره أنه من المستحيل العودة بالزمن إلى الوراء وتغيير ماضيك، لكن من الممكن تغيير الطريقة التي تفكر بها بشأنه". 

  

المصدر: الجزيرة 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر