يتميز اليابانيون بتركيزهم على الفوائد العامة بدل الشخصية عكس بقية شعوب العالم. في الأثناء، يُنظَم المجتمع في هذا البلد بطريقة تجعل جميع مكوناته تعمل من أجل تحقيق الهدف نفسه.
وفي هذا التقرير -الذي نشره موقع "أف.بي.ري" الروسي- استعرضت الكاتبة ليليا إسماعيلوفا الأسباب التي تجعل من اليابانيين الشعب الأكثر صحة في العالم.
فأشارت إلى أنه على مدى المئة عام الماضية، زاد متوسط ارتفاع البالغين اليابانيين بمقدار 15 سنتيمترا، حيث يعزى ذلك لتحسن جودة الصحة والنظام الغذائي الوطني. على صعيد آخر، أصدرت اليابان قانون الأغذية والمشروبات، وهو الأول في العالم الذي ينظم سلوك المواطنين.
وقالت الكاتبة إن اليابانيين يكتسبون قيم الاحترام والتعليم والتواضع في سن مبكرة للغاية، وتكرس المدارس جزءا كبيرا من وقتها لهذا الغرض.
ومن المثير للدهشة أن المدارس تخصص خلال العملية التعليمية 45 دقيقة لتناول الطعام.
علاوة على ذلك، تُزرع العديد من المنتجات التي يتناولها تلاميذ المدارس، وعادة ما يتولى طلاب الصف السادس رعاية الحدائق المدرسية. وفي وقت سابق، نشر فيديو على موقع يوتيوب يتحدث عن الغداء المدرسي.
وعلى الرغم من أن مدة الفيديو لا تتجاوز ثماني دقائق فإنه يحتوي على الكثير من المعلومات، فضلا عن مكونات وجبة غداء طلاب الصف الخامس.
مشاركة الطلاب
وفي المدرسة المذكورة، يتولى خمس طهاة إعداد وجبة الطعام لحوالي 680 طالبا، ويستغرق ذلك قرابة ثلاث ساعات. وحوالي الساعة 12:45 يتوجه الطلاب إلى الغرفة المخصصة لتناول الطعام، وينبغي ألا يتعدى وقت تناول الغداء 45 دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، يحضر جميع الطلاب مفارش المائدة وعيدان الطعام وكوبا ومنديلا فضلا عن فرشاة الأسنان.
وذكرت الكاتبة أن النظافة واحترام الآخرين مهمان للغاية في الثقافة اليابانية. لذلك، يغسل الأطفال أيديهم أولا، ومن ثم يضعون قبعات على رؤوسهم لضمان عدم سقوط الشعر في الطعام، وارتداء زي خاص حتى لا تتسخ ملابس الدروس. في المقابل، يقوم المسؤولون عن تقديم الطعام بالتحقق ومعرفة ما إذا كان أحد الطلاب مرض الأيام الأخيرة.
علاوة على ذلك، يمكن القول إن غرفة الطعام تعتبر مكانا خاصا بالمدرسة. وفي السياق ذاته، يتعين على طلاب المدارس التوجه بالشكر إلى الطهاة على الطعام الذي أعد من أجلهم، كما يجلس المعلمون مع الطلاب، ويتوجهون بالشكر إلى من تولوا مهمة تقديم الطعام.
وفي اليوم الذي صور فيه الفيديو الذي تداولته مواقع التواصل، تكونت وجبة الغداء من حساء الخضار وبطاطا مهروسة وسمك مرفقا بصلصة الكمثرى والحلوى والحليب. وبعد تناول الطعام، يتولى طلاب المدارس تنظيف المكان والتخلص من بقايا الطعام.
نظام التغذية
أوردت الكاتبة أن طريقة التعليم تساعد على اكتساب طلاب المدارس مجموعة من القيم المتعلقة بالصحة والثقافة واحترام الذات والآخرين. ومن هذا المنطلق، لا يعد سرا أن صحة الإنسان تعتمد على نوعية الطعام والبيئة التي يتم تناوله فيها. ومن بين جميع البلدان، تعتبر اليابان واحدة من أكثر الدول المتقدمة في مجال التثقيف الغذائي، كونها تدرك مدى تأثير النظام الغذائي على الصحة الجسدية والنفسية للطفل.
وفي الواقع، نشأ "نظام التغذية" عام 1889 مستهدفا في البداية الأسر الفقيرة. ومع تعزيز القوة الوطنية عام 1954، دعمت اليابان وجبات الطعام لجميع طلاب المدارس الابتدائية مقابل دفع رسوم رمزية.
أما عام 1964، فقد حرصت الحكومة على ضرورة توفير الحليب بوجبة الغداء المدرسية. وعام 2003، وضعت معايير تغذية مدرسية مطابقة للمعايير الدولية.