يتهم البعض ما يسمى بحكومة...!!!
لا أجد لها إسم مناسب غير حكومة الانقلاب، بأنها تسعى للقضاء على الشعب الذي يقع تحت مناطق نفوذها؛ أو على أقل تقدير تبحث عن طريقة سهلة للتخلص منه وجعله يبحث بشتى الطرق عن منفذ للهروب واللجوء بعيدا عنها أو عن الحياة، بسبب ظروف الحياة الصعبة التي استحدثتها لهم.
أرى أن ذلك مُنافي ومجافي للحقيقة فهذه الحكومة، أو "الأيادي" التي تقوم بتحريك "دُمى الحكومة" بحاجة ماسة لهذا الشعب في حالة استثنائية غريبة، أصبح فيها الشعب هو المنقذ الحقيقي لحكومة تحتاج لمن ينقذها وينتشلها..!
لهذا السبب وفقط تم إطلاق عليها تسمية (حكومة الإنقاذ). فالشعب سر بقاءها ومن يهبها قبلة الحياة. فوجود نبض له وإن كان واهياً ينبئ العالم بوجود رمق لبشر بين حدود نفوذها، دليل كاف في نظرها على كفاءتها وقدرتها على التحدي والمناورة أمام الجميع. كما أنه لا معنى لوجود حكومة بلا مواطن متواجد لتحكمه وتحاكمه وتتحكم في مصيره، فحكومة العرائس تقوم بنفس دور محركيها، تحاكيهم في تحريك خيوط المواطن ليرقص معها على نفس المسرح.
توقف الشعب منذ فترة طويلة عن المطالبة بأي نوع من الخدمات، واعتمد بشكل كلي على إمكانيات أفراده في توفير احتياجاته، كالكهرباء والماء والخدمات الصحية. وقد طبقت الحكومة عليه بشكل عملي "نظرية التطور والارتقاء". وكان ذلك التطبيق من أجل المصلحة العامة أولا وأخيراً، حتى لا يبقى على الأرض سوى الأقوى والأجدر، من أجل إنتاج أجيال أشد مراساً على مقاومة مصاعب الحياة إن استمرت!..
على الرغم من تفهم العامة لعجز هذه الحكومة عن التخطيط لأي شيء، مازال الشعب مصراً على ألا يفقد إيمانه وصمته أمام تلك الأطروحات السحرية التي يلوح بها مسؤوليها بين فترة وأخرى، وهم يبشرون باقتراب التوصل لحل جميع المشاكل ويسعون لتنفيذها في أقرب وقت ممكن. يستمع لهم المواطن ويراقب ما يجري حوله من أحداث وهو يقف في الطوابير الطويلة، وكأنه يراها على شاشه مسلسل تلفزيوني كثير الحلقات لا تخصه أو تمسه.
يزداد تقدير هذه الحكومة لشعبها الساكن تحت وطأة نفوذها بكل حب ومودة وقد تراكمت عليه الديون والأمراض والهموم، ومازال يتخذ من الخرس ملاذا له دون أن يبدي أدنى اعتراض على حالته، لذلك لا تبالي "حكومة الانقاذ الانقلابية" بالأصوات التي تحاول متحشرجة إبداء رفضها واعتراضها في الشارع أو في وسائل التواصل الاجتماعي؛ فهي مجرد أصوات قليلة لا يعول عليها ولا يلقى لها أدنى اعتبار. وفي الغالب هي مجرد لجان مأجورة تتخفى في أزقة الحارات، وتتخذ لها من الشاشات درع يحميها من القبض عليها بتهمة إقلاق الأمن العام.
لن تجد حكومة على مر التاريخ مثل هذا الشعب الذي يتقبل لومها وتقريعها بكل رحابة صدر. فالمواطن مخطئ على الدوام، يتخذ وضعية الدفاع عن النفس ضد الاتهامات الجائرة بسبب عجزه عن رفد الجبهات بالمزيد من الدماء، ويحاول حثيثاً البحث عن حل لهذه المشكلة وهو يتلفت حوله مذهولاً، دون أن يحاول تقاسم اللوم الفاضح "لعجزه عن الموت".
حين يحاول البعض الإشارة لمجموعة أُثريت ثراءً فاحشا، وبشكل غير عادي وفي زمن قياسي، تتلقفه الأيدي والأكف لتكمم فمه- إن كان من ذوي الحظ الجيد. فرصاصة غاشمة أو ضربة من قعر بندقية هي العقاب المستحق لأمثاله، لكنه لا يسلم من عبارات تقريع على شاكلة: "أنت لا ترى سوى جزء صغير من صورة كبرى أعم وأشمل لا يستطيع فهمك البسيط إدراكها؛ لا يحق لك الانتقاد أو الاتهام أو حتى اللوم؛ فهناك عدوان جائر أكبر من التراهات التي يرددها كارهي الوطن، وخير تكفير لك عن خطاياك هي الانضمام للجبهة لتتعلم كيف "تموت"، أعني كيف يصنع الرجال".
ربما كانت أكبر المشاكل التي تواجهها عدم قدرتها على قتل الملل الذي ينتاب مواطنيها بين الحين والآخر، ولا شر أكبر من وقت الفراغ الطويل- كما أشار لها مستشاريها. لذلك تسعى جاهدة لملء حياة المواطنين بما يثقل من كواهلهم ويؤخذ من محافظهم عنوة بالترفيه والتسلية؛ باستحداث أعياد ميلاد ومناسبات ذات رايات خضراء بين فترة وأخرى.
وبالرغم من مجمل الأحداث التي نسايرها، ليست "حكومة الانقاذ" هي المعنية فعلاً بما يثير حيرة وقنوط وقهر المواطن. فعلى الضفة الأخرى حكومة أخرى، تسمى "حكومة الشرعية"، استمدت هي الأخرى تسميتها من الشعب، والقانون الذي يحاول التشبث به..
ويلوح لها وهو محاصر بائس بسؤال وحيد يقلق منامه: لماذا توقف "الجيش الوطني الشرعي" على حدوده التي سيطر عليها منذ أكثر من عام؟ ولماذا التمترس خلف نفس المواضع؟!..
مجرد سؤال من باب الاطمئنان لا أكثر...!
لعل المانع خيرا...!!
اقراء أيضاً
في رفقة شبح ديمقراطي غربي
الرسام المجرم
"البالة".. تغريبة اليمني