أثار الرحيل المأساوي للرئيس اليمني السابق الكثير من التساؤلات حول تداعيات الصراع الذي انتهى بمقتله على تطورات المشهد السياسي والاجتماعي والعسكري والمواقف الإقليمية والدولية من مجريات الأحداث في اليمن ، ومما لا شك فيه أن حدثا بهذا الحجم سيؤثر في معادلة الصراع بين الشرعية وتحالف الانقلاب الذي انهار برحيل صالح وسيعمل على تغيير موازين القوى لكنه تغيير في حدود دنيا وليس كما بالغ البعض بأن موقف المؤتمر سيمثل ضربة قاضية للحوثية ومشروعها السلالي العنصري ، مبالغة تشبه مبالغة الرهان على انتفاضة صالح التي وئدت في مهدها ، سيكون المؤتمر عاجزا عن الحركة ككتلة مكتملة وستتناثر أجزاؤه في أكثر من اتجاه والشرعية يمكنها أن تحصل على نصيب الأسد من تركة الرجل المريض إن هي أحسنت قراءة الحدث ونجحت في تخليق أدوات فاعلة للتعامل معه.
طريقة رحيل صالح من ناحية صبت في صالح الشرعية على الاقل سياسيا وأضعفت من شرعية ادعاءات الحوثي بل وأدخلته في ما يشبه العزلة برفع الغطاء السياسي الذي كان يوفره صالح لكليمها اقليميا ومحليا وحتى جماهيريا.
حاليا هذا هو المكسب الواضح أما العسكري فطفيف جدا ولا يتعدى تسرب بعض مقاتلي المؤتمر من الجبهات وبدرجة أقل تغذية صفوف المقاومة بمقاتلين جدد من قواعد المؤتمر، من حيث المبدأ تظل المواجهات على الارض هي المحك في قياس اي تطور على الصعيدين العسكري والسياسي ويظل الرهان على الشرعية ودور الجيش الوطني هو الرهان الحاسم والأمل القائم بالإضافة إلى ما يمكن أن يستفاد من دور بعض قيادات المؤتمر وقواعده للإسهام في تسريع وتيرة تشييع الإمامة ودفنها.
هذا لا يعني أن مقتل صالح لم يدفع باتجاه مرحلة جديده من التصعيد العسكري تحقق للشرعية والتحالف العربي من خلالها بعض الانتصارات الطفيفة ومثل من ناحية اخرى عبء كبير للحوثي في آن إلا أن الأدوار والنتائج الحاسمة لا يمكن أن يكون مصدرها قادم من خارج الشرعية ، ويمكن أن نجمل مظاهر العبء الملقي على حليفه المنتصر عليه بانفراط عقد التحالف الذي جمعهما وانصراف الكثير من جماهير المؤتمر عن الحوثي ونهاية دور المؤتمر في توفير غطاء سياسي وإعلامي للحوثي فضلا عن ما رتبه الحدث من توتر اجتماعي قد يساهم بطريقة أو بأخرى في نجاح أي خيارات صعبة لوضع نهاية لغطرسة الحوثي وإقليميا أزاح الحدث الكثير من الضغوط عن كاهل التحالف بسبب الوضع الانساني ودفع التحالف للبحث عن تحالفات جديدة تجلت في كسر رتابة العلاقة المتوترة بين الإصلاح أكبر مكونات الشرعية وأكثرها تنظيما وفاعلية.
وهذا سيعزز من لحمة جبهة الثورة وانسجام أداؤها وكما يبدو أن فرص الحل السياسي بالنسبة للتحالف تراجعت لذلك تكاثفت وتيرة العمل العسكري وهذا ما سيجنب اليمن خيار اللبننة التي تشتغل المليشيا الانقلابية عبر أدواتها لترويجه في مختلف المحافل الدولية.
وسيتسمر هذا الوضع إلى أن يحدث ترجيح حقيقي في ميزان القوى يسرع من وتيرة تقهقر الحوثي وهزيمته لأن تراجع الأخير عن اغتصابه للدولة بتسوية سياسية وبالاستناد إلى قرار مجلس الأمن ???? أمر مستحيل خاصة وأنه مرتبط بأجندة إقليمية يبدو أنها ستكثف من انخراطها في المشهد اليمني بعد أن أصبح حليفها متفرد بالمساحة التي كان يتقاسم مع صالح ولو معنويا السيطرة عليها.
خاتمة القول: من الملح أن يكون للشرعية تصورا واضحا في التعامل مع حدث مقتل صالح وانفراط عقد تحالف حزبه مع الحوثي على كافة المستويات وأن تنقذ ما يمكن انقاذه من تركة الرجل المنتقم الراحل وذلك لنقطع الطريق على الإمامة من التهام جزئه الأكبر ونعجل في تشييعها إلى مثواها الأخير .
اقراء أيضاً
بل كانت حربا على الحياة برمتها
"العودة".. حلم نازح
الجُهد الوطني المهدور