لم يكن أحد يتوقع أن "انتفاضة صالح" ستكون معركته الأخيرة، وسترسم سيناريوهات متعددة لمستقبل اليمن..! كان كثيرون يعتقدون أن صفقة الرجل مع التحالف العربي ستنجح، وسيعود للسلطة، عبر أقرباؤه وقيادات حزبه، لكن نهاية المعركة رسمت بوضوح نهاية صالح غير المتوقعة، وطرحت الكثير من علامات الاستفهام.
حتى اللحظة، لاتزال تفاصيل تصفية صالح غامضة، وتعددت حولها الروايات، فالرواية الحوثية تقول إنه قتل أثناء محاولته الهرب من صنعاء، بينما تتحدث مصادر مقربة من صالح، أنه قتل داخل منزله، بعد سقوطه بيد الحوثيين. ومهما اختلفت الروايات في طريقة تصفية الرجل، فإنه من المؤكد أن صالح خاض معركته الأخيرة، وطويت صفحته إلى الأبد.
خلال معركة صالح مع العصابات الحوثية، بدا واضحا أن المعركة في بدايتها، كانت إعلامية، أكثر منها ميدانية، وسارعت قناة اليمن اليوم التابعة لصالح، إلى الحديث عن انتصارات كبيرة لقوات صالح، وانهيارات متوالية في صفوف الحوثيين، وشاركت فضائيات عربية، في المعركة الإعلامية ضد الحوثيين، ولم تسفر المعركة الإعلامية سوى عن تضليل واسع للرأي العام ومغالطة الواقع الميداني، ومن المؤكد أن أخبار وشائعات منصات التواصل الاجتماعي، كانت المصدر الأبرز للمعركة منذ بدايتها وحتى نهايتها.
أدرك الحوثيون باكرا، أهمية الآلة الإعلامية للراحل صالح، وما تبثه من بيانات متتالية عن انتصارات في أكثر من مكان، ومناشدات للقبائل والعسكريين الموالين للمؤتمر، ولذلك ركزوا جهودهم في اليوم الأول على إيقاف الآلة الإعلامية الموالية لصالح، وهو ما حدث بعد اقتحامهم لمقر القناة، إضافة لحجب المواقع الإلكترونية الإخبارية لحزب صالح، الأمر الذي سبب صدمة كبيرة في صفوف أنصار صالح، وأفقدهم منابر إعلامية، كانت تساهم في الحرب النفسية على أقل تقدير.
وما لم يكن متوقعا خلال المعركة، ضعف الموقف العسكري لصالح، وهشاشة قواته العسكرية، وتخلي أنصاره عنه من قبائل طوق صنعاء، كما تخلت عنه قيادات عسكرية محسوبة عليه وتركته فريسة سهلة للميليشيا الحوثية، وذهبت نداءات صالح التي وجهها للعسكريين الموالين له، ولأنصاره، أدراج الرياح...! بقي يقاتل وحيدا، دفاعا عن نفسه ومنزله وأفراد أسرته، متدثرا بغطاء الجمهورية والثورة، لكن القطار كان قد سبقه بمراحل.
خاض صالح معركته الأخيرة، وهو يحمل آمالا واسعة بعودته للتحكم بالمشهد السياسي، في إطار صفقة لم تكتمل، بينما تصدى له الحوثيون بكل قوة، ودم سيدهم حسين الحوثي يتدفق أكثر من أي وقت مضى، حسمت المعركة لصالح الحوثيين، بمقتل صالح، وسيطرتهم على صنعاء كاملة، وتفردهم بالسلطة.
ومع ذلك، اصبح من الممكن القول إن معركة صالح الأخيرة التي انتهت بمصرعه، وضعت الحوثيين في زاوية ضيقة من حيث لا يدركون، وسيكون عليهم من الآن فصاعدا خوض معركتهم الأخيرة مع الشعب اليمني بمفردهم، وهي معركة مفصلية لا مجال فيها للحياد، بعد أن أضحت معالمها واضحة، إنها معركة فاصلة بين جمهورية الشعب، وإمامة الحوثيين.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية