القشيبي.. فارس الوثبة الأولى 


هشام طرموم

مضى عقد من الزمن على تلك الليلة الحالكة والمعتمة في حياة اليمنيين التي انطفأ فيها مصباح من مصابيح الوطن وسقط فيها حصن من حصون البلاد. وتلك حكاية من الزمن الذي لا ينسى كان بطلها حميد القشيبي في أسوار محافظة عمران.

وتحتفظ الذاكرة الجمعية لليمنيين بتفاصيل وأحداث ليلة الثامن من يوليو/ تموز 2014 التي مرت ذكراها العاشرة قبل أيام، وهي ليلة ارتقى فيها حارس اليمن وفارسها العميد الركن حميد القشيبي شهيدا مجيدا مغدورا بالخيانات من قيادة السلطة وأهل النكايات بعد أن واجه العدو والخذلان ومضى محتشدا بوفائه وعهوده مع بعض رفاقه الأوفياء مدافعين عن الجمهورية وأهدافها ومبادئها التي أعلن الحوثيون حربهم ضدها وقادوا الانقلاب عليها.

وكان القشيبي ورفاقه أكثر رجال اليمن حبا وإخلاصا ووفاءًا للوطن حين تصدوا وحدهم للإمامة العائدة بنسختها الجديدة المتمثلة في مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا والتي كانت تزحف لإسقاط الدولة ببعض أدواتها وسلاحها المنهوب، حتى اجتاحت العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

في ذكرى استشهاد بطل اليمن العميد القشيبي نستدعي أمورا ليس من باب التباكي وإنما للتحفيز نحو استمرار النضال وتصحيح ما أخطأناه في الماضي فالتذكير بالقشيبي وبطولاته مع رفاقه تجعلنا نستلهم منهم الروح النضالية والوفاء النادر للوطن، وتجعلنا أيضا نقف أمام تساؤلات يجب أن لا تمر دون أن يطرحها اليمنيون على أنفسهم، أين موقفهم من القشيبي حينما كان يذود عن البلاد ويحمي الجمهورية.

وأين موقفهم اليوم أيضا من نهجه الذي مضى عليه، ثم ماذا لو عاد الزمن بعد كل الذي حدث هل سيترك اليمنيون القشيبي وحيدا؟ نتمنى أن قادة الدولة والقوى السياسية قد استوعبوا الدرس جيداً وأصبحوا أكثر إخلاصاً لمبادئ الجمهورية وأهدافها، وأكثر اتحادا واصطفافا لحماية البلاد ومكتسباتها وحماية الثورة اليمنية المجيدة التي أعلنت ميلاد الجمهورية قبل نحو سبعة عقود.

ندرك حاليا أن الجميع الآن يناضلون في الصف الجمهوري، سوآءا أولئك الذين كان موقفهم مع القشيبي، أو ممن التحقوا خلال السنوات الماضية، بعد أن كانوا متحالفين مع ميلشيات الحوثي حتى أواخر عام 2017، غالبيتهم أدركوا خطأهم ومضوا بإخلاص مع السباقين الثابتين على مبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين.

القشيبي ليس عسكرياً كان له شرف المواجهة الأولى، بل فكرة تتجدد فقد كان من بعده عبد الرب الشدادي عبد الغني شعلان في مأرب، والعميد عدنان الحمادي في تعز، واللواء أحمد سيف اليافعي، وأبطال المقاومة الشعبية من رجال القبائل وكما أنجبت اليمن هؤلاء الرجال، لا شك أنها ولادة بقادة حقيقين وأبطال مخلصين لوطنهم سواء عسكرين أو سياسيين سيكونون أمل الشعب في حماية مكتسباته وثوابته.

استذكار الأبطال هي لحظة البحث عن الذات اليمنية، التي بإمكانها صناعة التأريخ في حالة اليأس، ويخبرونا عن الحلقة المفقودة في تطور مسارات النضال الوطني لاستعادة الدولة والجمهورية.

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر