نماذج لهزائم حوثية في الفترة الماضية

في مايو الماضي شكّل أحد سائقي النقل الثقيل ويدعى "عمر الضيعة" مبادرة سميت الراية البيضاء لفتح الطرقات التي أغلقها الحوثي، منذ سنوات، بعد إعلانين أحاديين من الحكومة والحوثي، استعداداهما لفتح بعض تلك الطرق.

خلال أسابيع قصيرة، من إعلان المبادرة على وسائل التواصل الاجتماعي، انضم عدة شخصيات لها، وعرفت لاحقا باسم "الراية البيضاء"، تشكلت المجموعة من شخصيات جديدة لم تكن منخرطة من قبل بحدة في الصراع السياسي والاجتماعي في اليمن. 

عمر الضيعة أحد الشخصيات القادمة من مهنة النقل، ويتابعه عشرات الآلاف في فيسبوك واليوتيوب ومعنيّ بنشر كل ما يخص النقل. نجحت المبادرة في فتح طريق مأرب صنعاء عبر البيضاء، وهو طريق غير رئيس، مغلق منذ سنوات، لكن الآمال والجهود التي يقودها الضيعة تتركز أيضا على طريق صنعاء عدن عبر الضالع، وطريق مأرب صنعاء عبر نهم.

واستباقا لتكون مبادرة مماثلة في تعز من شخصيات تعيش أساسًا في مناطق سيطرة الحوثي، فتح الحوثي جزئيًا طريقًا للمسافرين والمتنقلين بين الحوبان ومدينة تعز، دون السماح للشاحنات التجارية بالمرور، بينما يبقي على 23 طريقا بين تعز المحررة من الحوثي، وتعز التي يسيطر عليها مغلقا.

في مطلع يوليو الجاري، نظمت رابطة مصانع المياه المعدنية إضرابًا مفتوحًا عن العمل رفضًا لقرار حوثي برفع الجبايات غير القانونية عليها 20 مرة، باسم صندوق المعلم. لجأت النقابة التي تشكل الإطارالقانوني للدفاع عن حوالي 80 مصنعا، للمياه المعدنية، إلى العصيان المدني. 

خلال أسبوعين من الإضراب، حققت النقابة انتصارا جزئيا مهما، أجبرت الحوثي على التراجع عن فرض 20 ريال على كل كرتون مياه إلى خمسة ريالات فقط. بينما تتعهد النقابة بالمزيد، لأن الخمسة الريالات تزيد عن نسبة الخمس، وهي غير قانونية مطلقا حتى في قوانين الحوثي.

ووفق وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التي يسيطر عليها الحوثي، جاء التراجع عن فرضا لعشرين الريال إلى 5 ريالات بتوجيهات من المشاط، صاحب التوجيه الأساسي أصلا برفعها من ريال إلى 20 ريالا.

المثالان أعلاه، يقدمان حالتين نادرتين من التراجع الحوثي أمام ضغوط شعبية فاعلة غير مسلحة ضد الحوثيين، عجزت الحكومة اليمنية عن انتزاع أي تنازلات مثلها خلال عشرين سنة من الحرب مع الحوثي.

رغم العقيدة الإمامية الزيدية الجارودية في الحوثيين، وتشابكها مع إيران، وتجربة ولاية الفقيه وخبرة الحرس الثوري الإيراني، فإنه صار يدرك تمامًا خاصة منذ الهدنة 2022 أنه لم يعد بإمكانه الحكم بالغصب كما كان يفعل من قلب، وأن سنوات الحكم بالرعب لم تعد فعالة. 

بمعنى آخر: لدى الحوثي قدرة جيدة في التقاط إشارات الغضب القادمة من الشعب ضده، لكنه كجماعة تمثل الاحتلال الإيراني، غير قادر على الاستجابة لها، ولأنه أيضًا جماعة جارودية إجرامية، ولكن حتى الإجرام له قدرة محدودة على الحكم بالقوة، ولذا رأينا أنه قدم تراجعات محدودة في مسألتي فتح الطرقات وفرض الرسوم على مصانع المياه. 

من المهم البناء على تلك التجارب، والاستمرار في اجتراح العديد من تلك المعارك التي يمكن للشعب النجاح فيها، وإجبار الحوثي على تقديم التنازلات، وتضخيم التنازلات تلك والبناء عليها، وبدء مرحلة منظمة تستهدف استعادة الحقوق كلها التي دمرها الحوثي، من الجمهورية ونظامها الديمقراطي إلى المواطنة والكرامة لكل فرد.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر