"صنعاء مدينة آمنة".. ما زلنا نجد من يدّعي ذلك بكل جهل أو خوف. فشدة الخوف تورث أمانا زائفا، بوجود قوة تخرس الجميع.
والحقيقة أن صنعاء مدينة آمنة في ظل إرهاب الحوثي. فكل ما فعله الحوثيون هو احتكار الجريمة، وجعل صناعتها على جماعتهم نفسها دون منافسين..!!
لم تحتكر جماعة الحوثي الاستثمارات والتجارة والسوق السوداء...، فحسب؛ فلقد تعدى احتكارها لفعل الجريمة والإرهاب وتوجيه عصاباتها نحو انتهاك حريات الناس..
وما يشاع عن استتباب الأمان في مناطقهم، هو المعاناة الصامتة تحت واجهة الحياة الطبيعية..! هذا ما يبدو على السطح: حياة آمنة، وعمران يتصاعد وينتشر، ومدينة تتسع وتتمدد..
هذ الأمان، والقبضة الحديدية التي صنعها الحوثيون هي لحفظ وجودهم وحراسة ما سرقوه وامتلكوه من نهب الناس، من أجل حمايتهم في قصورهم التي تمتد وتتكاثر..
هذا الأمن، الذي "يقط المسمار"، هو في الحقيقة: تكميم الأفواه ضدهم، وطمس العيون عن أفعالهم المشينة..!!
غير مقبول التشدق بالأمان الزائف، الحاصل في صنعاء، كون الأمان الذي يرجوه الإنسان هو التمتع بقدر من الحرية والكرامة لاختيار من يحكمه، لا فرض الوضع عليه بقوة السلاح..!!
الأمان؛ أن يخرج الفرد من بيته متى يريد، في أي ساعة من يومه، فلا يخطف في اعتقال قسري، ويتم إخفاؤه ولا يعرف ذويه مصيره..!! الأمان ألا يتم تحشيد الأطفال من مقاعد الدراسة للقتال دون علم أهاليهم..!!
الأمان ألا تتناوش هذه العصابة حريات الناس البسيطة؛ في ممارسات حياتهم وأفراحهم ومعيشتهم.. الأمان ألا تفتح المعتقلات السرية، وبيوت الدعارة الخفية، وألا تتم المتاجرة بأعراض النساء وحيوات الرجال..!!
ألا يمارس الإرهاب الفكري في تلويث العقيدة بخرافاتهم وأباطيلهم، وتحويل صنعاء إلى حوزة وحسينية إيرانية..!!
رصد تقرير حقوقي حديث أكثر من خمسة آلاف انتهاك حوثي خلال الـ 12 شهراً الماضية فقط؛ تصدّرَتها الجرائم الإنسانية والفوضى الأمنية والإرهاب المنظم بمعدل 2,385 جريمة. فيما وثقت 900 جريمة قتل وإصابة واعتداءات بحق نساء صنعاء..
هذا في صنعاء فقط، والمقام لا يتسع لإيراد كل الإحصاءات والتقارير عما يحدث في صنعاء، وكل المدن الواقعة تحت سلطة الحوثيين..
ناهيك عن محاربة الناس في قوت يومهم، وتدمير عُملة البلد التي قادت الشعب إلى مجاعة حقيقية وحولتهم إلى متسولين..!!
فهل الأمان، الذي يتشدق به البعض خوفا من البطش، هو الأمان الحقيقي، أم منتهى الذل؟!!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية