السياسة للأسف هي الوجه الآخر للنفاق من أجل المصالح..
والنظر إلى التكتلات بحسب سياستها المتبعة ظاهريا، نظرة طفولية ساذجة، تعد عيب شعوب العرب العاطفية المندفعة لكل ما يدغدغ مشاعرها..
العرب يأخذون بظاهر الأقوال، وتغُرّهم أفعال تافهة لذر الرماد في العيون، فيندفعون في تصنيف أعداء يقفون معهم في نفس خندق الاستهداف للأسف..!!
السياسة منظومة خفية؛ المعلن منها قد يخالف تماما المخفي منها، وهذه حقيقة لم يعد يجهلها أحد؛ لكن الجميع يفسرها بحسب هواه..!!
لقد رأينا من قبل: كيف تتغير التحالفات، ليصبح أعداء الأمس أصدقاء اليوم. وأقرب مثال لذلك تحالف الزعيم "صالح" مع الحوثيين، ثم قتله على أيديهم حين فشلت سياسته في احتوائهم، لأن سياستهم كانت استخدامه للوصول فقط..!!
كذلك تقارب حركة "حماس" وإيران، الذي تضج له أقلام من يحملون "فزاعة الاخوان" على ظهورهم؛ يثبت أن المصلحة الكبرى تجيز أكل لحم الميتة، ما دمت مرميا في صحراء المقاطعة العربية..!
أن تلتقي المصالح، لا يعني أن تتفق الأهداف والمبادئ. مصلحة إيران أن تبدو المتصدرة لحمل قضية فلسطين؛ فلولا شعاراتها الزائفة، وفيلق القدس المزيف، لظهرت إيران هي الوجه الأوضح للصهيونية أمام من تبقى من عميان الشعارات الملفقة.
عداؤنا لإيران، كيمنيين، لا يعني أن تعاديها فصائل المقاومة الفلسطينية من أجل عيوننا التي نضع فيها القدس. فالقدس قضية تجمع كل المسلمين، لتفرقهم مصالح السياسة في النهاية.
في عالم السياسة لا شيء مؤكد، ويمكنك طرح كل الاحتمالات التي لا يمكنك أن تحتملها كمواطن شريف يرى الحياة أبيض أو أسود. فالسياسة تخلط كل الألوان، وعلى رأسها لون الدم الأحمر الذي تسفكه الشعوب لتحقيق سياسات الكبار الخفية..!!
هناك من يدفع الدول والكيانات دفعا لتشكيل تحالفات؛ قد تكون مؤقتة بحسب المصلحة.. يندرج هذا تحت المصطلح الشهير "المُخرِج عايز كده"..
وحتى أرجوزات السياسة، ودِماها المحشوة بالبيانات، والتي تلقي التصريحات كأداء وضيفي مثلنا، لا تعلم ماذا يحدث خلف الكواليس..!!
صراع الخير والشر حقيقة ثابتة. وغير الثابت هو: من يمثل الخير، ومن يمثل الشر.
العالم لا تحكمه هذه الكيانات من الدول الظاهرية، بل تحكمه منظمات خفية بأيدي شخوص فقط. وهذه الحقيقة لا علاقة لها بـ"نظرية المؤامرة"، إنما بحقيقة السياسة فعلا.
هناك صراع استحواذ، ولا توجد فكرة المسيطر الوحيد على صناعة القرار، لكن توجد الكثير من البيادق التي تضرب بعضها بأصابع الآخرين..!!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية