ما إن قرأنا خبر انتقال الصحفي عبد القوي العزاني إلى رحمة الله حتى اهتزت ارواحنا برحيله، كنا نظن أننا قد تصحرنا بفعل السنين الأخيرة ومجرياتها وان اخبار الموت لم تعد بالذات التأثير علينا، لكن ما ان نفقد عزيزا حتى تعود تلك الرهبة لأرواحنا.
نحن ضعفاء امام رحيلك يا عبد القوي، لسنا مستعدين أبدا. أصدقائك الذين فرقتك الحرب عنهم لازالوا يرون الأماكن باسمك وارتبط حضورك بعودتهم وخططهم لقضاء ما تبقى من أعمارهم في المدينة التي تعيش فيها.
كان عبد القوي العزاني رحمه الله أبا لكل الصحفيين الشباب، فعلى الرغم من احتكاكه مبكرا بجيل الصحفيين الكبار من أيام الصحافة الورقية إلا انه كان قريبا لكل المتطلعين من الشباب للعمل الصحفي واستطاع ببساطته وبكرم نفسه الزكية ان يحوز على حب وامتنان كبيرين وكثيرين من جميع من عرفه.
كنت كريما كبيرا شهما وقويا يا عبد القوي لم يفتقدك أحد حيث ينبغي أن يراك، روحك الخضراء ظلت حاضرة بجانبنا جميعا، فحين يفرح الناس نجد ابتسامتك تضيء مناسباتهم، وحين يحزنون نجد قلبك وحضورك وبذلك يساند المكلومين ويؤانس وحشتهم.
نحن الذين نموت كل يوم منذ سنوات كلما فقدنا عزيزا موتة صغرى يذهب فيها بعض منا، الا ان موتك يا عبد القوي موتة كبرى، من لنا بعدك يؤازر ضعفنا ويشجعنا ويحضر مناسباتنا، من سيملئ الحياة التي تركتنا فيها خالية من حضورك أيها الغائب الحاضر؟
حزننا كبير وفقدنا شاسع، هاهم رفاقك يبكونك والحزن يلفنا مرتين، مرة بالحزن على أنفسنا بالغصة التي تسد مجرى حلوقنا ومرة أخرى لحزن اصدقائك ومعارفك عليك، يقول أحد معارفك الذي لم اره ابدا بمثل هذا الحزن الذي هو عليه بفراقك: انه عندما كان يتخيل شيخوخته لم يكن يراها بدونك، ولسان حاله: كان من المفترض ان نشيخ معا يا عبد القوى! وبرحيلك تهدم جزء من ماضي كثيرين وجزء أكبر من تصورهم للحاضر والمستقبل، لقد كنت هبة الله لنا نحن معارفك بما امتلكته من حضور وبهاء وبروحك التي ظلت تجود بما تملك بلا توقف.
لا عزاء في رحيلك يا عزاني، هذا ما يخبرنا به رحيلك، ولم تعد الحياة جديرة بالتعلق وقد فقدناك فيها وهذا ما يقوله اليوم أصدقائك لبعضهم. لكن عهدنا ان نظل أوفياء لما كنت عليه وأن تبقى روحك مصدر إلهام لكل من عرفك واقترب منك، وسنعود يوما إلى تعز- ان كتبت لنا العودة - وسنجهز أماكن المقيل بجوار قبرك ونحدد مكانك الذي كنت دائما تنتقيه بعناية وسنخبرك ان الوطن قد عاد وأننا من جديد بجوارك وسنشعر حينها بابتسامتك تسقي ظمأ ارواحنا.
لروحك السلام يا عبد القوي العزاني.. الوداع
اقراء أيضاً
ماذا عن رفاق فبراير؟!
مجرد ضجيج إعلامي