البعض يتحدث عن الإنسانية، متخليا عن أهم الركائز التي تدل على إنسانيته..!؛ فيعبث بالكلمات والمصطلحات، ويساوي: بين الجلاد والضحية؛ بين المعتدي وصاحب الحق؛ بين الإمامة والجمهورية؛ بين المليشيا والجيش النظامي!!..
الكرامة والحرية، اللتان لا تنفصلان عن بعضهما، هما الإنسانية التي نسعى إليها كطرف يقاتل ويحشد كل طاقاته..
من الطبيعي أن يطلق كل طرف في المعركة عبارات رنانة وآيات قرآنية، وأن يرى نفسه على صواب؛ فلن يفصح الطرف المعتدي عن نواياه الإجرامية في شعاراته، التي يسيطر بها على حشوده، مالم يكن جماعة بغباء الحوثية..!!
يؤلمنا جميعا سقوط القتلى في الحرب، وتحزننا مشاهد الجثث المتناثرة في الجبال وصحراء مأرب؛ وفاجعٌ لنا تكدس القبور؛ لكننا نعلم أن هذا هو العمل الطبيعي للحرب: الموت والقتل ومزيدا من الثكالى والأيتام والأحزان .. هكذا هي الحروب بين بني البشر..
لا توجد حرب ليس لها ضحايا، ولا تحدث معركة لا تحشد لها الحشود من الطرفين. الفرق بين أي حشدين هو نبل المقصد والهدف، كما يقره العقل والعدل والإنصاف والحق..
والفرق بين تحشيد الحوثي، وبين حشد الجيش الوطني؛ هو حق الحياة بحرية وكرامة؛ في اختيار دولة مدنية على أرض الوطن.
لا تقارن حشود الظلام والعبودية، بحشود الجمهورية والحرية..
ربما يكون القاسم المشترك؛ أن هذه الحشود كلها ببطون جائعة، تعاني الاهمال، وتسقط في ميدان المعركة..!؛ لكن لا تقارن بين من يذهب للدفاع عن جمهوريته بكامل حريته وإرادته، وبين من يقاد بشتى وسائل الترهيب والترغيب والتهديد..!
يقاد كعدد؛ لتكثير جيش السواد، ويزج به في أتون معارك، لا يخشى عليه إلا العودة حيا، قد أعد صندوقه والتقطت صورته وبات موته مؤكدا..!
لا تقارن هؤلاء المضللين، بمن يذهب إلى القتال؛ بروحه وعقله؛ عن قناعة بسمو هدفه، وإن عانى شظف الحال، وانقطاع الراتب، ووعورة الجبال.. ففي يقينه أن روحه فداء للوطن، وليس للسيد..!!
أما ضحايا السيد، فهم في نظره متارس لصد الرصاصات فقط؛ شوالات بشرية لا يكلف نفسه حتى انتشال جثامينها، فتترك في الجبال والوديان حتى تبلى، وتتعفنّ..!!
كل القتلى، ليسوا سوى رأس القبيلي، الفارغ في نظرهم، بعد أن ملأوه بترهات صد العدوان، والهدف بسط نفوذ إمامتهم وولايتهم..!!
مع أعداد القتلى الغفيرة في المعركة الأخيرة، (بمأرب)، بات الحوثي يحرص على عودة جثامين سلالته فقط؛ لثقته أن اليمنيين، من أتباعه، لا يستحقون حتى مواراة أجساد أبنائهم التراب..!! وهذا قمة الهوان الذي قبله الاتباع عن استحقاق!!.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية