في أكثر من مرة تعلن فيها عصابة الحوثي غزو مأرب، تكون النتيجة مكلفة لها؛ خسائر بشرية ومادية، وانتكاسة نفسية لامجال للتنفيس عنها إلا بهجوم آخر، تتكرر معه دورة "الغزو الحوثي لمأرب".
تكتسب معركة مأرب الجارية، أهميتها ليس فقط من حجم التحشيد الحوثي الغير مسبوق، إنما من تزامنها مع متغيرات دولية، تمثلت في وصول إدارة جديدة متواطئة مع إيران للبيت الأبيض وإعلان وقف دعمها للتحالف العسكري في اليمن ورفع تصنيف الحوثيين من قائمة الإرهاب، فضلا عن متغيرات إقليمية، كاتفاق جنيف لحل أزمة ليبيا، والمصالحة الخليجية، وما يمكن أن يترتب على هذه المتغيرات من جهد غربي يدفع باتجاه تسوية الأزمة في اليمن سياسيا، والتفرغ لملفات أخرى.
تبدو معركة مأرب مفصلية للجميع؛ لأبطال الجيش والقبائل الذين يسطرون ملحمة تاريخية، في الدفاع عن الدين والعرض والوطن، وينوبون عن ملايين اليمنيين، الشاخصة أبصارهم نحو معركة موقعهم فيها أن يكونوا أو لا يكونوا.
وهي معركة مفصلية للعصابة الحوثية، التي تراهن على إسقاط مأرب، بما يؤمن لها مدخول مالي لعقود، ويؤهلها للعب دور جديد، يتماشى ورغبات خارجية، وتستطيع من خلاله إخضاع اليمنيين لحكمها، بتأييد دولي، يعطي الأولوية للقوة دونما اكتراث لمفاهيم الشرعية والانقلاب التي تشكل جزءا رئيسيا في المعركة اليمنية.
معركة مأرب اليوم وطنية بين طرف شرعي وآخر انقلابي لمن يحصرها في إطار الخريطة اليمنية، وهي معركة بين مشروع عربي وآخر فارسي، لمن ينظرون إليها من منظار قومي، ومن ينظر بعمق يجد أنها معركة بين معقل سنّي لا رافعة له ولا سند من المحيط، ومشروع إيراني شيعي يسعى جاهدا لإسقاط المدن السنيّة، وقد نجح في إسقاط معاقل سنية في العراق وسوريا، وبدأ بتغيير خريطتها السكانية، وشرع في نشر العقيدة الاثني عشرية.
أثق بدرجة كبيرة، أن رجال مأرب وجيشها الذين شكلوا سياجا أمام زحف العصابة الحوثية باتجاه الشرق بعد سقوط صنعاء، يستطيعون اليوم وبفاعلية أكثر من ذي قبل، أن يردوا العصابة الحوثية، على أعقابها، خائبة، منهزمة، ومخلفة وراءها خسائر جسيمة.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية