على مشارف مأرب تنتحر ميليشيا الحوثي للحصول على نقطة قوة حقيقية تفاوض بها.
قد يبدو الوضع للبعض أن الحوثي يعيش حالة من التفوق تمكنه من إملاء الشروط من موقع قوة؛ إلا أن الحقيقة أنه لا يملك أكثر مما تملكه أي ميليشيا في أي مكان في العالم:
- قوة سلاح؛ يديره، ويستخدمه، على طريقة العصابات لقتل المخالفين له من أبناء الشعب اليمني، ولإقلاق العالم بتهديد الأمن الاقليمي لإجباره على الاعتراف به والخضوع لطلباته، وامساكه بجزء كبير من الشعب اليمني كرهائن يعيش تحت رحمته بين وضعين.
- وإما رهينة ينصاع لتهديداته، فيستخدمه كوقود لحربه، وهم البسطاء الذين يزج بهم في الجبهات، أو مواطن يعيش بظروف الرهائن يستخدمهم الحوثي للضغط على المجتمع الدولي بوضعهم الإنساني، أو بسلب جزء من أموالهم وامكاناتهم لاستخدامها في حروبه، وهو أمر يدركه المجتمع الدولي؛ لكنه يوافق هوى قوى كبرى لتمرير صفقات أهم في ملفات دولية أخرى..
عدا ذلك، فليس للحوثي أي نقاط قوة حقيقية، في دولة سواحلها ومنافذها ومناطق ثرواتها النفطية والغازية وشرعيتها الدولية وعلاقاتها الخارجية، كلها بيد حكومتها الشرعية.
كان ميناء الحديدة المنفذ البحري الوحيد للحوثي الى العالم، وهو مهدد بخسارته، وخسارة نقطة القوة الجيوسياسية الوحيدة التي يمتلكها الحوثي، ولهذا فقد عمل المبعوث، الأممي الوظيفة، الإيراني الهوى، لحماية الحوثي من فقدان هذا الميناء بكل امكانيات الأمم المتحدة والقوى التي تتحكم بها.
وكون هذا المنفذ مازال تحت التهديد، كان لابد للحوثي من البحث عن نقطة قوة أخرى، فتوجه إلى السيطرة على أكبر منابع النفط والغاز في اليمن، وهي محافظة مأرب، وهو الدافع الذي يقدم في سبيله الحوثي آلاف القتلى من أبناء القبائل المرتهنين تحت سيطرته.
وبدون مأرب- ولا يبدو إنه يستطيع دخولها، واذا فقد الحديدة في ظل دعوات لإسقاط اتفاقية ستوكهولم- سيتأكد واقع: أن الحوثي ميليشيا تختطف شعب كرهائن ليس أكثر.
ورغم أن هذا هو الواقع الحقيقي؛ لكن يحسب للحوثي قدرته على تصنع النصر في واقعه المهزوم، في مقابل شرعية تعشق حالة الانهزامية في واقع، بالحقيقة، فيه كل عوامل وشروط ومؤهلات النصر.
اقراء أيضاً
الأنظمة ليست وحدها مصدر القمع
وطن خارج حدود الوطن
ثورة فبراير .. تصحيح أم إعادة تموضع