يصرّ أتباع علي عبدالله صالح، على أن السبب الوحيد لما آلت إليه الأوضاع في اليمن، هو اندلاع ثورة فبراير قبل عقد من الآن، وهو اتهام سيظل أتباع صالح يلوكونه لسنوات قادمة، دون أي إثبات أو دليل.
وهؤلاء ليس لديهم مشكلة مع من أطاح برأسهم ونكّل بقياداتهم، ربما لأن "الخلاف إداريٌ" كما قال صالح نفسه عندما امتطاه الحوثيون أو امتطاهم لاستباحة صنعاء مطلع خريف 2014.
إن الثورة وما رافقها من أحداث ومواقف، غير منزهة عن النقد، كونها فعلا بشريا لا يخلو مما يعتري البشر من قصور وأخطاء هي في الوقع من صميم بشريتهم التي لا تبلغ الكمال بحال من الأحول.
لكن ما يقوم به أتباع صالح، لا يندرج في إطار النقد ولو بحده الأدنى، إنما في رفض فكرة الثورة من الأساس، وشيطنتها وتحميلها وزر أفعال الثورة المضادة، التي قام بها صالح بالتعاون مع حلفائه الحوثيين.
إنهم يزرعون في عقول الناس، حالة من الرضا والاستكانة للواقع البائس، ويطلبون منهم وإن بصورة غير مباشرة الرضوخ للظلم والفساد لإن التغيير ينذر بما هو أسوأ، وعليه فلا سبيل أمام الناس إلا التسليم لسلطة الظالم ولو كان هذا الظالم هو الحوثي.
ووفقا للمعادلة الخاطئة المتبناة من أتباع صالح، فإن ثورة فبراير على سلطة صالح تسببت بوضع كارثي كان يمكن تفاديه لو لم تندلع هذه الثورة، ووفقا لذات المعادلة فإن أي ثورة قادمة ضد سلطة الحوثيين، ستقود إلى ما هو أسوأ من هذا الوضع الكارثي الذي نعيشه الآن؛ هذا ما تنص عليه معادلة لا تنظر للثورات الشعبية إلا على أنها بوابة للخراب.
"الهروب من الحقائق"، ذلك ما يفعله الأتباع عندما يتهمون ثورة فبراير بأنها وراء كل مصائب اليمن، إذ إن هذا الاتهام لا يكلفهم أي مسؤولية أخلاقية كما يعتقدون، بعكس ما إذا وجهوا ذات التهمة للحوثيين أو انقلابهم بشكل أدق، ذلك أن هذا الاتهام يعني تورط شخص "الزعيم الهالك" في التهمة، وخروج ثورة فبراير من دائرة الاتهام، وهذا يتنافى مع أهدافهم.
إنهم ينتصرون لجثة ويشيطنون ثورة شعب، يراهنون على أن تكرار الأكاذيب يؤتي مفعولا ولو بعد حين، يتغنون بإرث لا وجود له إلا في خيالاتهم، وقبل ذلك كله، يخادعون أنفسهم ويحرمونها نعمة التفكير السليم.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية