منذ اللحظات الأولى لحربهم على اليمنيين، استخدم الحوثيون شعارات مضللة لتبرير جرائمهم الطائفية والعنصرية، وبما يتناسب مع الواقع العسكري للميليشيا وإمكانياتها البشرية والمادية.
عندما هاجم الحوثيون بلدات وقرى محافظات صعدة وحجة وعمران، في الفترة الواقعة بين عامي 2011 و2014، كان شعار الحرب على الإرهاب أكثر مناسبة، ليسوّق الحوثيون أنفسهم خارجيا لدى الأنظمة الغربية والأوروبية، كحليف مستقبلي في التصدي ”للجماعات الإرهابية“ ولا أنسى تصريحا للقيادي الحوثي محمد البخيتي الذي يستخدم الآيات القرآنية كثيرا في مداخلاته حاليا قال فيه إن الإرهابيين في اليمن تخرّجوا من دور القرآن والحديث وجامعة الإيمان.
من خلال شعار الحرب على الإرهاب، تمكن الحوثيون بدعم خارجي وإسناد إعلام اليسار في الداخل، من محو مركزين هامين للعلوم الإسلامية، الأول مركز الحديث في منطقة دمّاج بصعدة والثاني جامعة الإيمان بصنعاء، ومن الطرافة إن اليسار الذي يرفض ”الحكم الديني“ أدى دورا مهما في خدمة ”العقيدة الدينية للحوثيين“ وقد وصف قيادي يساري الحوثيين بالقيادات الصاعدة التي التقطت اللحظة المناسبة!
مع سقوط العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة بيد الحوثيين، وتدخل دول التحالف العسكري الخليجي ضدهم هذه المرة- بعد أن مهدت لانقلابهم سابقا- وجد الحوثيون أن شعار الحرب على الإرهاب أدى دوره بسيطرتهم على الدولة ومؤسساتها، وكان لابد من شعار جديد لتسويق أنفسهم داخليا، بعد تسويق أنفسهم خارجيا من خلال ”الحرب على الإرهاب“.
مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي السعودي، كان هو الشعار الجديد والأبرز الذي استخدمه الحوثيون لتسويق أنفسهم داخليا، وحشد المواطنين إلى جبهات القتال، وهذا الشعار لم يستنفد أغراضه بعد، فمازالت الأيام حبلى بالأحداث التي تكفل للحوثيين تسويقه بدرجة أكبر مما كان عليه قبل خمس سنوات.
التطبيع الخليجي الصهيوني، والحديث عن وجود تنسيق إماراتي صهيوني في جزيرة سقطرى لإنشاء معسكرات، ولقاء نتنياهو ببن سلمان الأخير في منطقة نيوم وطلب الأخير من الصهاينة المساعدة في الحرب ضد الحوثيين، هذه أحداث تشكّل مادة دسمة للحوثيين لاستغلالها في تضليل الناس بطبيعة المعركة التي يخوضونها منذ خمس سنوات، كمعركة ضد المعسكر الصهيوني الأمريكي، بينما من تطالهم نيران هذه المعركة في الواقع هم اليمنيون دون غيرهم.
الدعاية الحوثية ما من شك أنها تستغفل الناس بأكاذيب فجّة تغلفها بشعارات مضللة وتحقق نجاحا ملحوظا في مناطق سيطرتها، نظرا لتفشي الأمية والفقر وغياب الوعي الديني والسياسي بخطورة المشروع الحوثي، لكن عندما يستخدم بعض المؤثرين في السياسة والصحافة مواقفهم العاطفية لدفع الناس بالتحالف مع الحوثيين إن اقتضت” قواعد اللعبة “ فهذه خدمة مجانية تقدمها النخبة للمشروع الحوثي، لضخ المزيد من الدماء الجديدة في جبهات القتال، وسفك المزيد من الدم.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية