ظل علي صالح منبوذا داخل مدينة تعز بعد ثورة فبراير 2011، لارتكابه جرائم بحق المتظاهرين وإحراق ساحة الحرية، ويراد له اليوم لصورته أن ترفع، بعد أن أوغل في دماء المدنيين وارتكب من الجرائم ما يفوق جرائم 2011 بأضعاف.
ما الذي يمكن أن تضيفه الصورة لطاغية هالك؟ لاشيء. هل ستعيده إلى الحياة؟ كلا. هل ستمحو جرائمه بحق الشعب طيلة 39 سنة؟ كلا. إذن ما الفائدة من رفع صورة صالح خاصة إذا كان ذلك سيحدث في مدينة، ما تزال أحياؤها وشوارعها شاهدة على جرائمه؟ إذا لم يكن ذلك إهانة بحق الشعب فماذا يمكن أن يكون؟
إنني أجد العذر لمن تعفنت جراحهم عندما يلجأون للقسوة كنوع من الرد على من يستفزهم بمحاولة رفع صورة صالح، ذلك إن ما يقومون به نوعا من الحفاظ على قضيتهم التي ارتبطت بصالح منذ أن قرر الأخير سحقهم ودقهم بالقناصات!
إن المسألة أكبر من مجرد رفع صورة لإنسان هالك. يا ترى ماذا سيحدث لو قرر أنصار القذافي رفع صوره في طرابلس ونعتوه بالشهيد، وقرر أنصار بشار رفع صوره في إدلب، ووصفوه بالبطل؟ إن هذا-لو حدث- يعني أن غيرة الشعب قد ماتت ولم يبق له كرامة، ولا يستحق الحياة، ما بقي يشاهد صورة الطاغية ترتفع فوق رأسه، وهو أسفلها.
إصرار بقايا نظام صالح على إعادة صورة وصوت صالح إلى الواجهة، يبعث في النفس الحسرة على حالة العبودية التي وصلوا إليها، حتى أضحت حياتهم ومستقبلهم السياسي رهين صورة لجثة ربما لم تدفن بعد!
لقد خاض صالح معركته الأخيرة مع الحوثيين، لكنها لم تكن لأجل الشعب، ولو كان قدره الانتصار فيها، لقام بدور الحوثيين على أكمل وجه، وواصل قتال الشعب بلا هوادة، تماما كما فعل الحوثيون بعدما انتصروا عليه. ولكن وسائل إعلامية تصر على استغفال الشعب، ولو على حساب الحقيقة والدماء.
هناك محاولات حثيثة تجري منذ زمن لتلميع المخلوع الراحل، بمباركة قيادات سياسية كانت مناوئة له في السابق، وما وصف صالح بالشهيد من قبل قناة لعبت دورا إعلاميا في الثورة عليه، إلا جزءا من هذه المحاولات، التي يهمها صنع التوافق السياسي ولو فوق أنهار من الدم.
إجمالا، تبدو مسألة رفع صور الأشخاص نوعا من العبودية التي ثار الشعب للخلاص منها، ولا فرق بالنسبة لي بين من يرفعون صور صالح أو هادي أو غيرهم من الشخصيات التي فرطت في البلد وخانت الشعب، فكل من يرفع صورهم يعاني من داء العبودية، وهو داء قديم ارتبط بظهور "الزعيم الملهم" على الشاشات ومن قبلها الصحف بشكل يومي.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية