انتفض اليمنيون في ثورة ممتدة المراحل؛ من 17 فبراير 1948 وحتى 11 فبراير 2011. ثورة تُجهض كل مرة بأخرى مضادة؛ لذا تظل فكرة الثورة قائمة حتى تكتمل.
كل هذه المحطات المضيئة من وعي الشعب انجبت وعيا جماعيا بالحقوق، ورسمت طريقها نحو الخلاص رغم التعثر..
محطات كان لها مزايا في الاستقرار والانجاز، ما دامت تمضي في خط سير الوطن فقط. إلا أن انحرافات هذا الطريق، نتيجة الثورات المضادة والانقلابات الجهوية والسلالية، أفرز تقيحات من الفوضى المدمرة، ومشاريع متباينة من بيع الوطن والمتاجرة به..!!
ولعل هذه نتيجة طبيعية لتلك الصراعات المرتخية، التي لا تحسم وهي في أشد سخونتها..
فالصراعات، نهايتها: إما أن تقضي على خصمك قضاء تاما لا تقوم له قائمة بعدها؛ أو تسمح له بفترة كمون وتكوين من جديد لتتعايش معه على فجوره واجرامه في حقك..!! وكل شعب يصنع النهاية التي يريد.
وحالة الصراع اليمني مثل كل الصراعات البشرية: جولات وصولات، كل جانب يظن أنه على صواب، بل أن الاتباع على يقين أن هذا الصراع هو من أجل الوطن وحبا له..! الجميع يصف الآخرين بأنهم خونة وعملاء لأعداء الوطن.. يقولون ذلك بكل إخلاص ووطنية!..
في المقابل؛ ينظر إليهم الطرف الآخر، كخونة باعوا الوطن للانقلاب، وخراب العمالة..!!
لكن الحقيقة أن تجار الحروب، والدين، والسياسة، والمناصب، فقط من لا يفكرون في وطنهم، ولا في هذا الشعب الذي تتآكله الصراعات بالقتل والجوع والانقياد لمعاركهم المدمرة..!
فاليمني الذي أخضعه الجوع والفقر، على يد التحالف والحوثي على حد سواء، يقبل أن يحمل السلاح ليقتل أخاه اليمني بمقابل مادي!!.
آلاف الجوعى، والعاطلين عن العمل، يتبادلون الأدوار في ثورة، وثورة مضادة!!
وفيما التحالف، والحوثي، والانتقالي، يضيقون الخناق على الناس كي يندفعوا بشراسة أشد نحو جبهات القتال، ينسى اليمني ما يراد لبلده من تقسيم طائفي وجهوي، وتشظي مناطقي، ويذهب ليقتل يمني آخر ببسالة وشجاعة، ومن لم يمت بالجوع يموت بالنضال!!.
الحقيقة أن هناك من يريد أن يحولنا من شعب حضاري قيَمي، إلى شعب مرتزق أباح أرضه وكرامته!! ولن تُكتب الحياة لهذا الشعب ما لم يعد إلى جادة الصواب، ويفكر في نفسه ومصير بلده؛ وألا يترك لقياداته الزج به في خضم صراعات الارتزاق من أجل مصالحهم فقط!!.
لن يغير الله حالنا بين ليلة وضحاها ونحن هكذا؛ لأننا سنعيد الكرة دون اتعاظ من تجارب صراعتنا وثوراتنا الفاشلة!!..
ما نحتاجه، هو تغيير من الداخل اليمني؛ من هذا الشعب اليمني المغلوب، الذي استطاع الذهاب إلى الموت في الجبهات، وعجز عن الخروج إلى الشارع وانتزاع الحقوق من أفواه تجار الحروب، وزبانية السياسة، ومرتزقة الصراعات من الانتهازيين!!
أين الرفض لكل هذا التمزيق والإذلال أيها اليمنيون؟! ولماذا كل قدراتنا توقفت على مقدرتنا على الصبر وقتال بعضنا البعض؟!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية