أي شخص يزور القاهرة، ستكون زيارة المتحف المصري والأهرامات أحد الأمور المهمة التي ينبغي فعلها قبل العودة إلى الوطن..
ما أن تطأ قدماك بوابة المتحف، أو موقع الآثار، حتى تصاحبك الرهبة..! ليس لأنك تعود بروحك إلى زمن الفراعنة، بكل ما فيه من عظمة لا يختلف عليها اثنان؛ بل لأنك وأنت تتجول بين تلك الآثار المبهرة تنتابك رهبة من نوع آخر..!
إنها رهبة كل ذلك الاهتمام الذي تحظى به آثار مصر؛ تلك العناية والترتيب والنظام في زيارة المعروضات والأماكن واستغلالها كدخل قومي للبلد..
المعروضات العظيمة، وتلك البسيطة التي تتعجب من كمية العناية والاهتمام بها، برفع أبسط الآثار من عليها، كحصى صغيرة أو كسرة آنية..
وسط تلك المهابة، تجد نفسك تنتقل إلى جبل العود في مدينة إب، متذكرا قطعا أثرية عظيمة وقيمة، تناولتها أيادي اللصوص إلى العدم..!!
تتذكر وجود مبان لمنازل يمنية، أدخل فيها أصحابها بعض الصخور التي عليها نقوش بخط المسند، أو رسومات ومنحوتات يمنية قديمة..
وتتذكر كيف نالت الحرب، والصراع مع القاعدة وغيرها..، من مواقع أثرية بالتدمير والتشوية..؟! وكيف تعمد قصف الطيران إتلاف حضارة لآلاف السنوات..؟! وكيف أن الدولة- مثل المواطنين- لا تعطي هذا التراث والأثر الإنساني حقه من الاهتمام والعناية..؟!
هذا الجهل الشعبي بثروة البلد، رافقه معرفة اللصوص بقيمتها، فنهبوا كل ما تقع أيديهم عليه من آثار، وتاجروا بها بكل أريحية..!!
يقال إن الآثار اليمنية لم تُكتَشف كلها حتى الآن، وظهور بعض المناطق بالصدفة للعلن، يجعلنا نتمنى أن تظل طي المجهول حتى يقيض الله لنا دولة تهتم بالذي تم اكتشافه أولا..
فالآثار في مأرب على وشك الاندثار بسبب الإهمال واللامبالاة..!!؛ عرضة للسرقة بكل سهولة!!..
وقد قص لي شخص حادثة حصلت أمام عينيه، تؤكد كم أن سرقة الآثار وتهريبها يعد من أسهل الأمور في مارب!!.. حيث يتم تركها لعبث الزوار، دون أسيجة أو حماية، أو تحديد أماكن لوقوف هؤلاء الزائرين، أسوة بما تفعله دولة كمصر مثلا.
حتى أن الأيدي العابثة وصلت إلى هذه الآثار، كنقش أسماء الأشخاص على أعمدة "معبد الشمس"، وغيرها، ولعب الأطفال في أماكن يجدر الاهتمام بها كي لا تندثر..!!
هؤلاء الناس، لا فرق لديهم بين كتابة أسمائهم على جدران الحمامات، أو الاستراحات والمطاعم، وبين نقشها على صفائح الآثار الحجرية التي تعد ثروة وطنية وقومية..!!
عندما نقرأ عن تهريب قطع أثرية يمنية، نشعر أن الدماء تغلي في عروقنا، ليس حميّة وعصبية لقوميتنا فقط؛ بل لأن هذا التاريخ جزء من شخصية اليمني ووجوده، فكيف يحتمل المرء أن يتم المتاجرة بهذا الوجود كسلعة، ليس له القداسة التي للآخرين..!!
الأمة التي لا تحترم تأريخها وحضارتها، ولا تحرص على آثارها، لن تفكر في بناء حاضرها ومستقبلها.
يجب أعتبار المتاجرة بالآثار خيانة عظمى للوطن، وينبغي أن تكون عقوبته شديدة ومغلظة.
ثمة خبر جيد في هذا الجانب؛ مفاده أن وزارة الثقافة مؤخرا، تبذل جهودا للتنسيق مع بعض الدول والمنظمات من أجل استرجاع الآثار اليمنية. وهذا تصرف يشكر لوزارة تبذل جهدها لتكون حاضرة في مهماتها..
لكننا نتمنى لو رافقها استحداث حلول للآثار داخل البلد. تلك التي تُهدر بالإهمال، ما يجعلها عرضة للسرقة أو التلف!!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية