تعطيل تام للدخول إلى مواقع إلكترونية، وصعوبة في الوصول إلى معظمها، مع بطء شديد في التصفح في الأوقات التي تتوفر فيها خدمة الإنترنت.
هذا تضييق جديد لم يحدث من قبل، ضيّقوا على الشعب في معيشته وحياته وحرياته، ولما لم يبق للشعب إلا الفضاء الالكتروني ينفس فيه عن مشاعره وغضبه بعد أن منع من الخروج للشارع، فإذا به يجد نفسه مخنوقا داخل متنفسه الالكتروني الذي يربطه بالعالم.
لدى الحوثيين طاقة لابتكار أساليب جديدة في تنغيص حياة المواطنين وتعطيل أعمالهم، هذه المرة تسببوا في قطع خدمة الإنترنت عن ملايين المواطنين، وهناك تفسيرات متعددة، بعضها يرجع المشكلة إلى عدم تسديد الحوثيين فاتورة "يمن نت" للشركة الدولية المشغلة للانترنت، وبعضهم يرجع المشكلة إلى تركيب أجهزة تنصت أدت لتعطيل بروتوكولات الانترنت، أما الحوثيون ففسروا المشكلة بأنها ناتجة عن انقطاع في الكابل البحري، وهذا التفسير لا يصدق من عصابة امتهنت الكذب في أقوالها والتضييق الالكتروني في ممارستها المتعلقة بخدمة الانترنت.
ماذا يعني انقطاع الانترنت كليا لأكثر من 50 ساعة؟ الأعمال التي يجب أن تنجز مساء الخميس أنجزت مساء السبت، وهذا يعني بدوره أن يومين من عمرك سرقهما الحوثيون لكن مع ذلك أنت محظوظ؛ هناك من سرقت أعمارهم دفعة واحدة، وهناك من سرقت سنين من أعمارهم في الزنازين.
فيما مضى حجب الحوثيون مئات المواقع الالكترونية حتى لم يعد هناك فرق بينها وبين المواقع الإباحية، وحجبوا مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي أكثر من مرة، ونجحوا في إبطاء سرعة الانترنت، وتقبل المواطنون كل هذا قسرا، إذ ليس لديهم خيار، لكن أن تقطع خدمة الانترنت بشكل شبه كلي، فهذه موجة تصعيد جديدة في الحرب على المواطنين، خاصة أولئك الذين يعتمدون على خدمة الانترنت بشكل كلي في إنجاز أعمالهم.
إننا نتحدث عن تعطيل لقطاعات مصرفية وإدارية وإلكترونية ذات صلة بحياة المواطن وخدمته، تتزامن مع حرب اقتصادية حوثية تتخذ أشكالا متعددة في كل مرة.
على اليمنيين أن يكونوا أكثر قابلية للتأقلم مع التكنولوجيا والأنماط القديمة، خصوصا أولئك الذين كان قدرهم أن يسكنوا في مناطق سيطرة الحوثيين، واستمرار التضييق الالكتروني يمهد للعودة إلى عصر تبادل المراسلات عبر سائقي الأجرة أو صناديق البريد، وعصر الإعلام التقليدي"صحف ورقية، راديو" ماعدا التلفاز لإن مؤسس الحركة الحوثية أكد في ملازمه كثيرا" أن أجهزة هوائي الاستقبال مدعومة إسرائيليا لخراب بيوت المسلمين" ومن يدري ربما يتم مصادرتها في خطوات قادمة بنفس المبررات التي جرى فيها حجب الانترنت وحجب معظم مواقع الأخبار.
إنني متأكد بدرجة كبيرة، أن عدد هائل من المراسلات التي طارت في الفضاء بعد عودة الانترنت بشكل جزئي، احتوت على كثيرا من اللعن الشتائم للحوثيين، وهي ردة فعل متوقعة للخنق الالكتروني، لكن لو قدّر للشتائم أن تترجم إلى أفعال فلن تكون أقل من سحل الحوثيين في شوارع المدن، ووديان الأرياف.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية