البنايات في صنعاء ترتفع شاهقة، من شهقات جوع اليمنيين..
قصص خيالية عن بذخ حفلات الأعراس والمناسبات، وطفرة عجيبة في تكاثر المولات الفاخرة وانتشار مظاهر الفخامة، وكل ذلك لفئة محدودة من الناس..
هناك كارثية تقسيم، بات استفزازيا أكثر من كل التقسيمات التي أبتُليَ بها المجتمع اليمني منذ وصول سلالة السوء إلى أرض اليمن.
تفاوت يطعن في كرامة اليمني، مثله مثل تلك التقسيمات التي شكلت طبقات دنيا؛ من جزار ومُزيّن وقبيلي، كلها تحت مقام السادة.
الحرب التي أشعلوها على الجمهورية، أفرزت تفاوتا معيشيا لم يكن بهذه الفجاجة الصادمة قبلا. هذا التفاوت الصارخ، لم يعد تعنينا كثيرا فكرة الدين والمذهبية فيه. فهو يتضح أكثر في تمايُز طبقتين من الناس، إحداهما تأكل الأخرى.
كثيرا ما تحدثنا عن التغيير الديمغرافي الحاصل في اليمن. هذا التغيير الذي يسير على قدم وساق لتمزيق اليمن طائفيا، وأنه سيكون له أثر ساحق على المستقبل.. وغفلنا هذا التغيير في شكل المجتمع اليمني إلى طبقة القلة من الأغنياء بشكل باذخ، وطبقة الفقراء الهائلة بشكل موجع.
هذا التمايز، لم يكن حاصلا في حقبة النظام السابق، ولم يكن صادما في عهد الإمامة الأول. فلم تكن البلاد قد انفتحت على العالم الخارجي بهذا الشكل. لكنه الأن صار صارخا في وجه الشعب، وهم يرون قلة، لا تتعدى 5%، تهيمن على ثروات ودخل اليمن، وتنعم بخيرات البلد، في ظل حرب تطحن الباقين بالأوبئة والفقر..!!
في الجانب المقابل للحوثية، تمتلئ دهاليز الشرعية بأفعال فئة من المرتزقة، يعمرون خارج الوطن وداخله مشاريع تحتكر المشهد، ولا تراعي فقر وحاجة النازحين..!!
بنايات تنبت كل يوم، ومتاجر تفتح، وفلل ومشاريع..، ويظل الفقير بلا مأوى في الخيام وذل النزوح؛ إيجارات لا تنخفض، واستثمارات تستهدف فئة أغنياء الحرب والتجار فقط..!!
وفي حين تتعفن جراحات الجنود دون حقوق المداواة، تتكاثر فلل القادة بفضل صرفيات الفساد المتنوعة..!! وفي حين يعاني الملايين بلا دخل أو مرتبات، تظل مستحقات هذه النخب سارية بالعملة الصعبة..!!
بين قطبي الشرعية والانقلاب، تهدر كرامة المواطن ودمه. ومن أجل نخبة قليلة تضيع بلاد بأكملها، وعلى حساب الشعب كله تعتاش هذه النخبة وتعيش حياة الرفاهية.
ينبت المتاجرون بحقوق البشر في تربة الحرب الخصبة؛ تنتفخ كروشهم كلما ابتلعوا من حولهم؛ يكبرون كلما تضاءلت ضمائرهم؛ ويصبحون هُم الوطن في نظر أنفسهم..!!
ولن يدوم حكم العصابة.. ستَهُدّ أركانها دعوات هؤلاء المظلومين، ولن تنتصر الشرعية لأن أركانها من المرتزقة والنفعيين..!!
إن الله حين حرّم الظلم على نفسه، لم يقبله بين عباده، وهو يمهل الظلمة ولا يهمل دعوات المظلومين.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية