ظن كثيرون، أن الضربة العسكرية الإماراتية ضد الجيش الوطني، ستدفع السلطة الحاكمة ومن خلفها الجارة الكُبرى إلى التعجيل بإنهاء العبث الإماراتي المتستر خلف مسمى " تحالف دعم الشرعية" لكن شيئا من ذلك لم يحدث على الأقل حتى الآن.
ملامح العبث الإماراتي السعودي، التي بدت واضحة للعيان بعد أشهر من إطلاق عاصفة الحزم، شكّلت اختبارا حقيقيا لمدى قوة السلطة الشرعية وحرصها على الحفاظ على وحدة الدم والتراب، واختبارا حقيقيا للأحزاب السياسة في حرصها على تغليب المصلحة الوطنية بعيدا عن اعتبارات السياسة وأوحالها القذرة، وبالنظر إلى مواقف السلطة والأحزاب السياسية في السنوات الأخيرة يتبين حجم الضعف والمداهنة واللامبالاة التي صبغت المواقف.
وبينما أظهرت الإمارات عبر أذرعها الإعلامية وممارسات أذرعها العسكرية، مشروعها العبثي المقوّض للسلطة الشرعية والمفتت للجغرافيا اليمنية، كانت الشرعية نفسها ومن خلفها الأحزاب السياسية، تصر في خطابها على ضرورة وحدة الصف وعدم التطرق إلى العبث الإماراتي، وتمارس وصاية فجّة على الأتباع لمنع الإساءة إلى الإمارات، وكل ذلك كان يحدث ضمن سباق الولاء والتبعية والحسابات الخاطئة، وكانت النتيجة أن ضاعت البلد، وتحولت الحياة السياسية إلى ما يشبه ماخور دعارة تغيب فيه الثوابت والمبادئ، ويحضر البيع والشراء للذمم والمواقف.
كان الرئيس هادي قويا في أذهان البعض، لدرجة أن بإمكانه طرد الإمارات من التحالف بـ"شخطة قلم" أو إجبار السعودية على القيام بذلك، لكن الضربة الأخيرة أظهرت مدى ضعفه أو إضعافه عن فعل ما يجب، وبدا في خطابه لغة الضعف وهو يستجدي السعودية للتدخل لوقف التصعيد، في حين كان الشارع اليمني يغلي دما وحنقا!
لقد صمتت السلطة الشرعية ورأس السلطة كثيرا على عبث الإمارات ووصاية السعودية، وتحوّلت الشرعية من مشروع دولة ومؤسسات ينتظر الناس عودته، إلى شخص قابع في مكان ما بالعاصمة الرياض، وإلى غطاء تتستر به دول التحالف عند الحاجة إليه، وحضرت لغة الخوف والوعيد عند الحديث عن ضرورة الفصل بين الشرعية كمشروع دولة ذات مؤسسات كاملة ومسار إداري وسياسي ينظم عملها، وبين شخص الرئيس الذي يقف على رأس السلطة الشرعية، حتى أصبح مصطلح الشرعية خاص بالرئيس فقط ينتهي بموته أو استقالته أو عزله، وهذا تدليس في غير محله.
شرعية الرئيس هادي كرئيس انتهت بالنسبة للإمارات والسعودية، والمنصب الذي يشغله ليس إلا "حصان طروادة" استخدمته الدولتان منذ سنوات لخدمة أجندات خاصة، بعيدا عن المعركة الرئيسة مع المشروع الحوثي التي كان أبرز أهدافها استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب، فلا مؤسسات الدولة عادت ولا الانقلاب انتهى.
عبء المعركة التي يخوضها الجيش الوطني، يزداد يوما بعد آخر، ولا مكان لمزيد من الرهانات الخاسرة والمواقف العبثية والمداهنة السياسة في التعامل مع السعودية ومن خلفها الإمارات، لأن هذا الطريق لم يعد مجديا، في ظل التطورات الأخيرة، وإصرار السعودية والإمارات على فرض أجندة خاصة لا علاقة لها بمعركة اليمنيين منذ خمس سنوات.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية