"مشكلة جيوش هذا البلد أنها كلها تمد يدها للعدو لاستلام المرتب" الأيام الأخيرة بساعتها المشحونة حزنا وغضبا؛ نقمة ودمارا تعادل الخمس السنوات الماضية من عُمر الحرب.
حقائق كثيرة تعرت مؤخرتها في وجوهنا، صدمتنا وقاحتها وانسحاب غطائها؛ وتجلت بشاعة وجودها وما أفرزت من وحشية مقززة ودمار مروع.
لكن هذا القبح الكبير اشتعل في قلوبنا إدراكا أيضا لأهم متطلبات الدولة بل هو الدولة فعلا.
إنه الجيش..
الجيش الذي كان وما زال هدف عدوان الداخل والخارج.
الجيش الذي قوامه من أبناء الشعب بمختلف أطيافهم لتصبح حماية الوطن هدفهم وغايتهم.
حلم الجيش الذي لم نصل إليه بعد كما ينبغي وكل تعثر حدث لنا هو بسبب أن لا جيش مؤهل لدينا بدرجة تسمح له بالنصر.
حاول اليمنيون تكوين نواة للجيش في المناطق المحررة من سلطة الحوثية؛ حاولوا خلق جيش يكون ولائه للوطن فقط بعيدا عن شبح الجيش العائلي والحزبي.
هذه المحاولة لاقت حربا ضروسا من التحالف بشتى الطرق الذكية والغبية والمخادعة والمخاتلة لأن فكرة الجيش القوي تناهض رغبة التحالف في الهيمنة على اليمن رغم تشدق التحالف في بداية العاصفة أنه سيدعم بناء جيش يمني على عينه وتحت اشرافه.
لكنه بخلاف كل التعهدات بذل التحالف مساعي جبارة مرفقة بالشكر من قبل قياداتنا لتدمير نواة الجيش اليمني وقام عوضا عن ذلك بتشكيل عصابات تقتل بعضها لتقوم قياداتنا بتثمين هذه الجهود أيضا كعادتها.
عندما يترك الجيش الوطني لشهور دون مرتبات ويعامل جرحاه كقطع مستخدمة انتهت صلاحيتها؛ ويزج به في معارك استنزاف بلا عتاد ولا أسلحة ثم يضرب بالطيران في أخطاء مقصودة هل يراه التحالف جيش اليمن أم جيش يجب أن يسام أسوأ الخسف كي لا تقام له قائمة.
تدمير نفسية المجند بهموم لقمة العيش وتحويله إلى مرتزق بدلاً من مقاوم من أجل الوطن؛ إبادة كتائب وقيادات بطريقة مشبوهة بواسطة طيران التحالف نفسه لا يبدو أنه مساندة بقدر ما هو تحطيم لمكون الجيش واستهداف ممنهج لإبادته.
ومع كل هذا شكل وصول الجيش الوطني إلى أبواب عدن صدمة مباغتة للتحالف فنال جزاءه قصفا وحرقا.
اليمنيون قادرون على القتال بصدور عارية هذا ما تعلمه دول الجوار وتخاف منه لذا حرصوا على تمزيق كلمة اليمنيين كي لا ترفع لهم راية.
حرص التحالف على تكوين عصابات مسلحة تحمي مصالحها وتقتتل فيما بينها حتى صارت أكذوبة الجيش نكبة الوطن الحقيقية يمضغها كل طرف لفرض شرعيته الخاصة.
تكاثرت الجيوش في وطني وهو رازح تحت احتلال الأجنبي.
أفراد الجيش هم ركيزة الوطن والضابط الرابط والمكون الأهم في كل دولة وعلي الشرعية إذا أرادات النصر أن تولي اهتماما بالجيش أكثر مما هو حاصل.
عليها تلافي الأخطاء في تنصيب قيادات الجيش وتوفير متطلباته وتحسين أوضاعه ورفع معنوياته ليس بالمسرحيات والأناشيد والزوامل بل بالقمة المشبعة ومعالجة جرحاه.
ينبغي أن تطهر كشوفات الجيش من المنتفعين ممن ليسوا في الجيش أو لهم علاقة به؛ وألا يتساوى النفعيون بمن يهبون أرواحهم في الجبهات. ينبغي ألا تهدر أرواح المجندين في البقع وكل منطقة الحد الجنوبي للمملكة.
فلقد أصبح التجييش تجارة بالأرواح ليس إلا. ومحرقة البقع دليل على أن الارتزاق آفة، وقد أدرك التحالف أن هناك أشخاص قابلين لبيع أروحههم وأرواح الأبرياء من بعدهم من أجل لقمة العيش بتكوين مرتزقة يرمون بأنفسهم في محارق، فأوغلت دول التحالف في أطماعها واستهانت بأرواح اليمنيين أيما استهانة.
يجب أن نثق في شيء واحد فقط:
أن التحالف أتى لنصرة الحوثية وأنهما وجهان لذات الشر وبينهما بطانة واسعة من العملاء والحقراء في الشرعية باعوا وطنهم وشعبهم من أجل المال والمناصب والأمان. لكننا للأسف منقسمون بين مقتنع أن الحوثية خير لليمن وتقف في وجه التحالف.
وبين من يرى التحالف والحوثية لا يستهدفان سوى الإصلاح فقط كتيار سياسي يقف في وجه أطماع الجميع ولو ذهب الاصلاح خلف الشمس فأمورنا بخير. وتناسوا أن اليمن هو المستهدف بخيراته وموقعه وكل ثرواته.
لذا لن تتوحد كلمتنا ضد الحوثية أو التحالف وسنظل نقتتل فيما بيننا ونحقق هدف أعدائنا بلا أي خسائر سوى أرواحنا.
تظل آفتنا الكبرى أن هناك من يبيع ضميره وشرفه ووطنه من أجل حفنة من المال، هؤلاء لا يؤخرون النصر فقط بل هم من يصنعون لنا الهزيمة.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية