تُخلصنا روحانية هذا الشهر الفضيل شيئا فشيئا مما علق بأرواحنا من عوالق الشهور السابقة.
يشعر المرء كلما توغل في ربوع هذه الأيام المباركة، أن مشاكلنا وتفاصيل أيامنا وما يربك أحوالنا كلها أمور تافهة، لا تستحق حتى عناء التفكير فيها والوقوف أمامها.
يحدث هذا الترفع حين تصبح الصورة أوضح وأشمل، وليست مقصورة على ذواتنا.
ففي هذا الشهر ندرك تماماً أننا نشترك مع من حولنا- عرفناهم أم لم نعرفهم- في أمر واحد وبتوقيت واحد وبطقوس واحدة..
في هذا الشهر نبدأ معاً، وننجز معاً، ويتحول العالم من حولنا إلى بيت واحد يطبق أفراده ذات التشريعات. ولهذا فإن شهر رمضان فرصة لكي يتأمل المرء همومه بروح متجردة، وبنظرة موضوعية بعيدة عن الاغراق في التفاصيل التعيسة، وبعيداً عن ربكة المبالغة في تقدير الأمور، وإذ يعلو صوت الرفق واللين والتسامح، يصبح ما كان مستحيلاً قبل دخول رمضان عادياً ومقبولاً بل وسهلاً في رمضان.
فماذا يعني خلاف بين زوج وزوجة، أو أخ وأخيه، أو ابن وأمه أو أبيه، أو جار وجاره.. أو...
ماذا تعني هذه الخلافات إذا كان أجر المبادرة بحلها عظيماً، وروح الشهر الفضيل تتجلى في أجمل صورها حين تذوب هذه الخلافات، ويتقبل المرء بصدر رحب إقبال الآخر عليه ورغبته في حل النزاع معه، كم يصبح عندها التسامح سهلاً عظيماً.
اقراء أيضاً
المتحولون
مفهوم "الحرية" بين المتصارعين
كسر "تابو" الرموز