نيويورك تايمز: الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة ستضر بالمدنيين وليس الحوثيين

 قال خبراء إقليميون إن القصف الإسرائيلي لميناء يمني حيوي تسيطر عليه ميليشيا الحوثي لن يردع الجماعة عن شن المزيد من الهجمات، لكنه من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن، وفق ما أفادت صحيفة نيويورك تايمز.
 
وقال مسؤولون إسرائيليون إن سلسلة الغارات الجوية التي ضربت مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر يوم السبت كانت هجوما مضادا بعدما أطلق الحوثيون طائرة بدون طيار ضربت تل أبيب يوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل إسرائيلي وإصابة عدة آخرين.
 
وأسفرت الضربات الإسرائيلية في الحديدة عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 87 آخرين، بحسب وزارة الصحة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. ويعد الميناء الممر الرئيسي الذي تدخل عبره واردات الغذاء والوقود والمساعدات إلى شمال اليمن الفقير، حيث يعيش أكثر من 20 مليون شخص.
 
وقال خبراء يمنيون ومسؤولون أمريكيون سابقون يدرسون شؤون البلاد إن الضربات الإسرائيلية لن تلحق ضررا كبيرا بالحوثيين. وأضافوا أن الهجوم من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم المعاناة في اليمن، التي تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم بعد عقد من الحرب.
 
وقال آدم كليمنتس، الملحق العسكري الأميركي المتقاعد في اليمن، إن "هدف الضربة يضر المواطن اليمني العادي أكثر من قدرة الحوثيين على شن هجمات على البحر الأحمر أو إسرائيل".
 
 وكانت الحديدة موقعًا لقتال عنيف خلال الحرب، حيث حاول التحالف الذي تقوده السعودية انتزاع السيطرة على المدينة الساحلية الاستراتيجية من الحوثيين. لكنه أجبر على الانسحاب تحت الضغط الدولي مع انزلاق اليمن إلى مجاعة شبه كاملة.
 
وقال هشام العميسي، المحلل السياسي اليمني الذي سجنه الحوثيون في عام 2017، إن الضربات الإسرائيلية "لن تردع أو تؤثر على عمليات الحوثيين".
 
وقال إن الميليشيات لطالما صاغت روايتها حول المعارضة لإسرائيل والولايات المتحدة وكانت "تريد دائمًا جر إسرائيل إلى مواجهة مباشرة".
 
وأضاف العميسي أن الهجوم الإسرائيلي يمنح زعماء الحوثيين فرصة لتأجيج خطاب "العدو الأجنبي" وإضفاء الشرعية على ادعائهم بأنهم المدافعون عن العرب والمسلمين، مما يعزز عمليات تجنيدهم وقبضتهم على السلطة.
 
 ويشكل ميناء الحديدة مصدرا رئيسيا لإيرادات الضرائب بالنسبة للحوثيين. ولكنه يشكل أيضا جزءا حيويا من البنية الأساسية التي يعتمد عليها اليمنيون المقيمون في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون للحصول على المساعدات وواردات الغذاء والسلع الأخرى.
 
وأفاد متحدث باسم الحوثيين ومسؤولان إقليميان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بالتحدث علناً، بأن الضربات الإسرائيلية أصابت محطة كهرباء بالإضافة إلى مستودعات للغاز والنفط في محيط الميناء.
 
وقال محمد الباشا، الخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي للأبحاث، إن إعادة بناء هذه الهياكل من المرجح أن تكون مكلفة وتستغرق وقتا طويلا. وتوقع "نقصا حادا في الوقود في جميع أنحاء شمال اليمن" مما قد يضر بالأساسيات مثل مولدات الديزل للمستشفيات.
 
وأضاف أن إلحاق الضرر بمحطة الطاقة في الصيف، عندما تتجاوز درجات الحرارة 100 درجة، "سيؤدي إلى تفاقم معاناة السكان المحليين".
 
وقال منير أحمد (46 عاما)، وهو أب لخمسة أطفال في الحديدة، مساء السبت، إن طوابير طويلة تشكلت بالفعل أمام محطات الوقود في أنحاء المدينة، بسبب المخاوف من نقص الوقود.
 
وقال السيد أحمد "كانت الضربات شديدة لدرجة أنها ذكّرتنا بالأيام الأولى للحرب".
 
وبعد الهجوم، سارع إلى نقل والده المسن، الذي كان بالقرب من موقع الضربات، إلى مكان آمن. وقال إن الصيادين وغيرهم من الذين يكسبون رزقهم في الميناء فروا بينما كانت سيارات الإطفاء وسيارات الإسعاف تتجه بسرعة إلى مكان الحادث.
 
وبحسب مذكرة سرية صاغها مسؤولون عسكريون واطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز، أكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن الميناء كان هدفا عسكريا مشروعا وأن أغلب المساعدات الإنسانية التي تصل إلى ذلك الميناء كانت تحت سيطرة الحوثيين، الذين استخدموها لشراء الدعم السياسي ومعاقبة المعارضين. وزعموا أن المجتمع الدولي يجب أن يعيد توجيه المساعدات من الحديدة إلى ميناء عدن الجنوبي.
 
واتهمت منظمات الإغاثة الإنسانية الحوثيين بالتلاعب  بالمساعدات في الماضي، لكنها واصلت إرسال المساعدات رغم ذلك، مشيرة إلى الحاجة الماسة. ونفى الحوثيون سرقة المساعدات.
 
إن أي خطة لتوزيع المساعدات على شمال اليمن عبر عدن سوف تواجه عقبات كبيرة. فميناء الحديدة مجهز بشكل أفضل لاستقبال كميات كبيرة من السلع وهو أقرب إلى المراكز السكانية.
 
وفي حين تخضع عدن لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فإن المدينة تحكمها فعليا جماعة انفصالية مسلحة تدعمها الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر كل من الحكومة والجماعة الانفصالية نفسها في حالة حرب مع الحوثيين، ولا تتدفق المساعدات بحرية عبر الحدود.
 
وقال فارع المسلمي، الباحث اليمني في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، إن الضربات الإسرائيلية "لن يكون لها تأثير كبير على الأسلحة الباليستية أو قدرات الطائرات بدون طيار لدى الحوثيين".
 
وأضاف أن الحوثيين من المرجح أن يردوا بمزيد من الهجمات على إسرائيل وربما على حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
 
وعلى غرار غيره من الباحثين الذين يدرسون اليمن، قال إن الهجوم الإسرائيلي من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم محنة المدنيين، ووصف النهج بأنه مماثل للحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حماس في غزة: على حد تعبيره، "أحرقوا الغابة على أمل قتل الثعبان".
 
وقالت دانا سترول، المسؤولة السابقة عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، وهي الآن باحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إن تدمير البنية التحتية للطاقة لن يساعد بالتأكيد في تخفيف محنة المدنيين اليمنيين. من المهم أن نتذكر أن الحياة تحت حكم الحوثيين بائسة بالفعل".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر