سبتمبريون كما لم يحدث من قبل

[ د. حسن منصور، استاذ الإعلام بجامعة الملك سعود ]


هل تغيرت نظرة اليمنيين إلى ثورة 26 سبتمبر 1962م بعد الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014م؟

في الأحاديث الشعبية كان من الطبيعي أن تستمع إلى إشارات إيجابية عن الحكم الإمامي عندما يقارنه المواطن البسيط وخاصة من كبار السن بما قدمته أنظمة الحكم الجمهورية المتعاقبة منذ السلال وحتى صالح، المقارنة كانت ترتكز على الفساد والفشل المنتشر في مفاصل الدولة، والتي لم تبذل الأنظمة المتعاقبة جهدا حقيقيا للحد منها ، إن لم تكن هي في الأساس قائمة على الفساد كدعامة أساسية لاستمرارها وخاصة نظام صالح.

المقارنة في جانب منها غير منطقية لأن النظام الإمامي لم يقدم نموذجا لدولة ، بل تمسك بصيغة بدائية متخلفة للحكم تضمن استحواذ الأئمة على السلطة في أوضاع بالغة السوء والتخلف.

وحتى بميزان أهداف الثورة السبتمبرية التي لم يتحقق منها الشيء الكثير، فإن الجمهورية على الأقل نسفت الفكرة العنصرية التي تحتكر السلطة في سلالة معينة، وحققت قدرا من التعليم والتنمية في بعض المناطق ساهم إلى حد كبير في تكوين مناعة وطنية ضد المشروع الإمامي.

ما الذي حدث إذن؟ وكيف نجح المشروع الإمامي في العودة بشكل مفاجيء في 21 سبتمبر 2014م ؟ وما العوامل التي ساعدته في ذلك؟

الذي حدث كان مظهراً من مظاهر فشل النخبة السياسية اليمنية التي مهدت الطريق للانقلاب الحوثي، ونتيجة منطقية لحالة الانغلاق السياسي و (الفضائحية) التي اتسم بها أداء النخبة السياسية في السنوات الأخيرة.

تلك الفضائحية يمكن البرهنة عليها في أكثر من محطة خاصة بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني وبداية التحرك الحوثي العسكري من صعدة وانتهاء باقتحام صنعاء ، ولن تنس الذاكرة الوطنية كيف تعاملت المؤسسة الرسمية والأحزاب السياسية مع هذا الاستهداف الواضح للدولة، وكيف تم توظيفها لتصفية الحسابات والثأرات السياسية.

من العوامل الأخرى التي ساعدت المشروع الإمامي للعودة في 21 سبتمبر، تعثر الثورة الشبابية واستسلامها للتوافقات السياسية التي أدارتها النخب.

الثورة الشبابية رغم أنها استمرت في الساحات لأشهر طويلة ، إلا أنها سرعان ما سلمت مفاتيح اللعبة كاملة للأحزاب السياسية التي ناصرتها ، ولم تضع آلية لمراقبة تلك الأحزاب ومراجعتها في ضوء الأهداف التي وضعتها الساحات وميادين الاعتصام الشبابية في 2011م .

قبل ذلك كنا كيمنيين قد قصرنا كثيرا في تسليط الضوء على الأهداف الستة لثورة سبتمبر 1962م ، والتذكير بها ليلا ونهارا في خطابنا اليومي وفي نقاشنا السياسي وفي معايير تقييم أداء الحكومات المتعاقبة.

نجح المشروع الإمامي في العودة بقوة في 21 سبتمبر 2014م ليس فقط بسبب خيانة علي عبدالله صالح وإنما أيضا بسبب فشلنا جميعا في صياغة ثقافة وطنية يكون المرتكز الرئيس لها هو الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر.

علينا أن نسأل أنفسنا ما الذي حدث خلال 52 عاماً (الفترة من 1962 وحتى 2014م)، وكيف ترجمت الأهداف السبتمبرية الستة في المناهج التعليمية؟ وكيف قدمتها المنابر الدينية والفعاليات الثقافية والفنية؟ وما مستوى حضور تلك الأهداف في البرامج السياسية للأحزاب ، وفي اللقاءات التنظيمية والتثقيف الحزبي والوعي الجماهيري؟

الأ???? الأولى للثو?? السبتمبرية أكدت على ( ?????? ?? ???????? ????????? ????????? ?????? ??? ?????? ???? ?????? ??????? ?????????? ??? ???????، وبناء ??? ???? ??? ?????? ????? ?????? ?????? ????????، ور?? ????? ????? ???????? ????????? ???????ً ???????ً، و????? ????? ???????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ??? ????? ?????? ..)

ما حدث هو أن النخب السياسية المتعاقبة قد أخفقت في تحقيق الحد الأدنى من تلك الأهداف العظيمة، ولم يقتصر ذلك الفشل في المظاهر المادية والمنجزات التنموية ، وإنما – وهو الأخطر – فشلت في حفر تلك الأهداف في الوجدان الشعبي كما ينبغي أن تكون.

وعندما خرجت الجماهير في مظاهرات الاصطفاف الوطني بأعداد كبيرة في صنعاء لمواجهة بوادر الانقلاب الحوثي، لم تستمر بذات الزخم السياسي لأنها كانت تشاهد فشل النخبة وخيانة قطاعات كبيرة منها للمشروع الوطني، ولأن انقلاب الحوثي –صالح كان قد أغلق كل منافذ العمل الاحتجاجي السلمي ، فكان من الطبيعي أن ينتقل آلاف المتظاهرين إلى جبهات القتال للالتحاق بالمقاومة الشعبية والجش الوطني .

انقلاب 21سبتمبر وما أحدثه من خراب على مستوى الوطن خلال السنتين الماضيتين ، مكّن المواطن اليمني من قراءة تفاصيل المشروع الإمامي بكل تفاصيله العنصرية، ويكون الانقلاب بذلك قد قدّم – من حيث لا يحتسب - خدمة كبيرة لثورة 26 سبتمبر تمثلت في تعزيز المناعة الوطنية التي ستمثل حائط صد منيع في وجه المشروع الإمامي العنصري حاضرا ومستقبلا .

أصبحنا سبتمبريين كما لم يحدث من قبل، أو هكذا ينبغي أن نكون.  

د. حسن منصور: أكاديمي وكاتب يمني/ أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود

حقوق النشر محفوظة 2016 © "يمن شباب نت" yemenshabab_logo2 

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر