في صورة لا تُنسى وقديمة قدم البشرية، تحتضن امرأة طفلاً وهي جاثية، لكن هذه المرة وفي تحّول بالغ الكآبة عن المعتاد، المرأة تحتضن جثماناً صغيراً ملفوفاً بالكفن بقوة في لحظة صمت وحزن عميق.
وتظهر في الصورة امرأة محجبة تدفن رأسها في الجثمان الصغير لواحد من آلاف الشهداء الذين فقدوا أرواحهم جراء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأفادت وكالة رويترز بأن مصورها محمد سالم رأى هذا المشهد في مشرحة مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يبحث الأهالي عن ذويهم المفقودين.
ورأى سالم المرأة وهي جاثية على ركبتيها على الأرض في المشرحة تبكي وتحتضن الجثمان بقوة.
وقال: "كانت لحظة مؤثرة وحزينة وشعرت بأن الصورة تلخص الشعور العام لما يحدث في قطاع غزة... الناس مرتبكون... يركضون من مكان إلى آخر... متلهفون لمعرفة مصير أحبائهم، ولفتت انتباهي هذه المرأة وهي تحمل جثة الطفلة الصغيرة وترفض تركها".
لحظة كان لها تأثير خاص أيضاً بالنسبة لسالم الذي أنجبت زوجته طفلهما قبل أيام قليلة.
وفي قطاع غزة الذي انقطعت فيه الاتصالات، أصبحت معرفة مكان الأشخاص مهمة مليئة بالصعوبات، لكن بعد أسبوعين من التقاط الصورة، تمكنت "رويترز" من تعقب المرأة الموجودة في الصورة وإجراء مقابلة معها في منزلها في خان يونس.
إنها إيناس أبو معمر، والجثة التي كانت تحملها في الصورة هي سالي ابنة أخيها البالغة من العمر خمس سنوات. وهرعت إيناس إلى منزل عمها عندما سمعت أنه تعرض للقصف ثم توجهت إلى المشرحة.
وقالت: "فقدت الوعي عندما رأيت الفتاة، أخذتها بين ذراعي... طلب مني الطبيب أن أتركها، لكنني طلبت منهم أن يتركوها معي". ووالدة سالي وشقيقتها، وكذلك عم إيناس وعمتها، قُتلوا. وكانت لسالي منزلة خاصة لدى إيناس، فقد اعتادت أن تذهب إلى منزل جدتها وهي في الطريق إلى روضة الأطفال وتطلب من عمتها التقاط صور لها.
وقالت إيناس: "معظم مقاطع الفيديو والصور الموجودة على هاتفي المحمول لها". وكان أحمد شقيق سالي البالغ من العمر أربع سنوات خارج المنزل عندما تعرض للقصف ونجا. ويعيش أحمد الآن مع إيناس التي تقول إنه ليست لديه رغبة تذكر في اللعب وإنه نادراً ما يتكلم إلا عندما يسأل عن مكان أخته سالي.
المصدر: رويترز