من المتوقع أن يتبنى مجلس الأمن الدولي قراراً حول اليمن، غداً الاثنين، يمدّد لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، لمدة عام إضافي، وذلك بعد أن أوشكت مدتها التي جُدّدت قبل نحو عام على الانتهاء في الـ14 من الشهر الحالي.
وكانت بريطانيا، حاملة قلم الملف اليمني في مجلس الأمن، قدّمت صباح الجمعة، عبر بعثتها الدائمة في المجلس، مقترح مشروع قرار بشأن تمديد البعثة لمدة عام إضافي تنتهي في 14 يوليو/ تموز 2024.
ومن المقرّر أن يصوّت مجلس الأمن على المقترح البريطاني، يوم غدٍ الاثنين، قبيل جلسة الإحاطة الشهرية بشأن اليمن، والتي ستتضمن إحاطات مقدمة من المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ومساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا، ومنسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي.
وسيطلع غريسلي المشاركين في الجلسة على عملية إنقاذ ناقلة النفط "صافر" الراسية قبالة السواحل الغربية للبلاد، إضافة إلى جلسة مشاورات مغلقة، سيقدم خلالها رئيس البعثة الأممية اللواء مايكل بيري إيجازاً، بحسب تقرير لمجلس الأمن.
ويتضمن المقترح البريطاني "تمديداً تقنياً"، أي قراراً يمدّد ولاية البعثة دون تغيير في مهامها، لـ"تجنب التغييرات المحتملة في نظام العقوبات التي يمكن أن تعطل العمليات الدبلوماسية الجارية، كما أن التفويض القائم للبعثة يمنحها مساحة كافية، ونفوذاً لمواصلة جهودها لتوسيع نطاق وجودها، ومعالجة قضايا مثل الأعمال المتعلقة بالألغام، والتي أصبحت نشاطاً متزايد الأهمية"، وفق التقرير.
وأشار تقرير المجلس إلى أن البعثة البريطانية وزعت مسودة أولية على الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، إلا أن روسيا "اعترضت تقليدياً" على "الانتقادات الشديدة للحوثيين، بما فيها الإشارة إلى عوائق الحوثيين أمام بعثة الأمم المتحدة"، وجرى بعدها تنقيح المسودة، وتعديل بعض عباراتها بما لا يتعارض مع الموقف الروسي، مضيفاً أنه "لا يزال مشروع القرار باللون الأزرق (أي جاهزاً للتصويت عليه) يتضمن جملة حول مسألة الوصول تستند إلى لغة من القرار 2643".
وتأسست البعثة الأممية في الحديدة، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2452، وذلك بعد فترة وجيزة من التوقيع على اتفاق استوكهولم المبرم في ديسمبر/ كانون الأول 2018، بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، في السويد، والذي تضمّن صفقة لنزع سلاح مدينة الحديدة الساحلية، وآلية لتنظيم الواردات الاقتصادية من موانئ المحافظة، بالإضافة إلى آلية لتبادل الأسرى، وبيان تفاهم لتهدئة القتال في تعز، جنوب غربي البلاد.
وأنهى اتفاق استوكهولم حرباً حاسمة كانت تقودها القوات اليمنية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين، للسيطرة على مدينة الحديدة الواقعة على سواحل البحر الأحمر، قبل أن تتدخل الأطراف الدولية لفرض جولة مشاورات في السويد، من أجل حماية موانئ الحديدة الحيوية لعمليات الإغاثة والواردات التجارية من الحرب.
وشهد الاتفاق تعثراً ملحوظاً خلال السنوات اللاحقة، حيث لم تتوقف العمليات القتالية التي يتبادل الطرفان الاتهامات بشأنها، وغاب الجزء المتعلق بفك الحصار عن تعز بشكل كلي، فيما استمر السلاح الحوثي منتشراً في المدينة وموانئها، وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نفذت الجماعة استعراضاً كبيراً شمل آليات، وعربات، ودبابات، وصواريخ، ومسيّرات، ناهيك عن الأفراد.
واقتصر دور البعثة التي تعاقب عليها ثلاثة رؤساء منذ تأسيسها، آخرهم الهولندي مايكل بيري، على تنسيق نزع الألغام من محيط موانئ الحديدة، بينما هي عملياً في حالة شلل كامل، ووجودها شكلي، ولا تتمتع بالحرية في التنقل والحضور بمواقع المراقبة، كما أن مقراتها توجد في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، وتقول الحكومة اليمنية إن ذلك أفقدها صفة الحياد، ما دفع الفريق الحكومي لتجميد نشاطه بداية عام 2020.
وفي 12 يونيو/ حزيران الماضي، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في استعراضه السنوي لمجلس الأمن، إلى أن "أحد أكبر التحديات التي تواجه العملية الفعالة للبعثة، لا يزال يتمثل في القيود التي فرضها الحوثيون على حرية تنقلهم"، لافتاً إلى أن "هذه القيود تحدّ من قدرة دوريات بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، على تقييم طبيعتها المدنية بشكل مستقل وشامل".
كما لا يسمح الحوثيون، وفق الاستعراض، "لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، بالوصول إلى مناطق جنوب الحديدة، التي شكلت خطوط المواجهة في المحافظة منذ انسحاب القوات التابعة للحكومة من مدينة الحديدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، باستثناء زيارة لمرة واحدة قام بها بيري في 1 فبراير/ شباط".
وفي إبريل/ نيسان من العام الماضي، أُعلن في اليمن عن هدنة شاملة رحبت بها الأمم المتحدة، ودعا قرار لاحق لمجلس الأمن إلى تعزيزها وترجمتها إلى وقف إطلاق نار مستدام، وتسوية سياسية شاملة، مشيراً إلى اعتزام المجلس إجراء أي تعديلات ضرورية، حسب ما قد تتطلبه التطورات على الأرض، بما في ذلك وقف إطلاق نار مستدام في كل أنحاء اليمن.
ودعا القرار الأممي جماعة الحوثي، إلى التحرك بمرونة في المفاوضات، وفتح الطرق الرئيسية حول تعز فوراً، بالإضافة إلى إنهاء القيود التي تحول دون تنقّل أفراد بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة.
ومُدّدت الهدنة مرتين متتاليتين، لتنتهي في أكتوبر من العام نفسه دون تجديد، فيما تشهد البلاد هدنة هشة دون إعلان منذ ذلك التاريخ، وسط تعثر في التحركات الأممية والدولية الرامية لتجديد الهدنة السابقة، نتيجة اشتراطات للحوثيين، وُصفت بغير المعقولة.
المصدر: العربي الجديد