ردا للجميل، وتعبيرا عن صادق التضامن وخالص الوفاء، أظهر اليمنيون مساندة لافتة لتركيا في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر، رغم الظروف الصعبة التي يواجهها معظم سكان البلد الذي يعاني حربا منذ نحو 8 سنوات.
وخلال الأيام الماضية، جمع يمنيون تبرعات من داخل البلد وخارجه لمنكوبي الزلزال المدمر، مشددين على ضرورة دعم تركيا ردا للجميل والعون الإغاثي والإنساني الذي قدمته على مدى السنوات الماضية لليمن.
وفجر 6 فبراير/ شباط الجاري، ضرب زلزال مزدوج جنوبي تركيا؛ الأول بقوة 7.7 درجات، والثاني بقوة 7.6، تبعتهما مئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات.
وبشكل متواصل، تقدم تركيا عبر هيئاتها الرسمية والمجتمعية، مشروعات وبرامج إغاثية وتنموية في مختلف محافظات اليمن، إضافة إلى منح علاجية لجرحى الحرب في اليمن، ومنح تعليمية للعديد من أبناء البلد.
المقيمون بتركيا
وفي سياق رد الجميل إلى تركيا، أعلن يمنيون مقيمون في تركيا، عقب ساعات من الزلزال، حملة لمساندة المنكوبين.
وجمعت الحملة التي شكلتها الجالية اليمنية في تركيا، بالتعاون مع سفارة بلادهم بأنقرة، 17 مليون ليرة تركية (نحو 900 ألف دولار)، كمساهمة رمزية.
وفي 18 فبراير الجاري، قدمت الحملة قافلة إغاثية مكونة من 10 شاحنات تحمل مواد غذائية وطبية وإيوائية، انطلقت من إسطنبول إلى المناطق المتضررة جنوبي تركيا.
وقالت مسؤولة اللجنة الإعلامية في الحملة نبيلة سعيد الرباصي: "لا نستطيع رد الجميل التركي فهو كبير جدا، لكنها محاولة متواضعة وتعبير رمزي للوفاء تجاه الجهود الحثيثة لتركيا التي ما زالت تقدم كثير من الجهد والعون لليمنيين".
وأضافت الرباصي، للأناضول: "في كل المحطات كانت تركيا حكومة وشعبا تولي اهتماما كبيرا ورعاية خاصة لليمنيين، خصوصا جرحى الحرب الذين استقبلتهم بين فترة وأخرى وضمدت جراحهم".
وتابعت أن "تركيا لها دور في تقديم المساعدات الإغاثية لليمنيين عن طريق منظمات متعددة، لتخفيف معاناة السكان جراء الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن".
وأشارت إلى أن "تركيا آوت آلاف اليمنيين الذي لجأوا إليها منذ اندلاع الحرب، وكانت هي الوطن الذي استطاع أن يلم شملهم".
من جهتها، أعلنت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، تبرعها بإعادة بناء 50 وحدة سكنية لصالح من فقدوا منازلهم جراء زلزال تركيا.
وفي 13 فبراير الجاري، قالت كرمان، في بيان، إن "المشروع تبرع من مؤسستها (توكل كرمان الدولية)، وسينفذ عبر هيئة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)".
كما قدمت مؤسسة "توكل كرمان" قافلة إغاثية، انطلقت الأربعاء من مدينة إسطنبول إلى ولاية هطاي التركية، لإغاثة المنكوبين في الزلزال.
داخل اليمن
لم يقتصر الدعم على اليمنيين المقيمين في تركيا، بل شمل منظمات وأشخاصا في الداخل اليمني، إذ أعلنت 47 منظمة مجتمع مدني محلية تضامنها مع ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا.
ودعت المنظمات اليمنية في بيان، أصدرته عقب الزلزال، المنظمات الأممية والدولية إلى "تقديم كل ممكنات الدعم للمتضررين من الزلزال في كل المناطق المنكوبة".
وقال حمدي السامعي مدير المشاريع في منظمة "شباب التمكين الإنسانية التنموية" (غير حكومية مقرها تعز)، إن "تركيا قدمت مساعدات متكررة لليمنيين على مدى السنوات الماضية".
وأضاف السامعي، للأناضول، أن "اهتمام تركيا هذا يستوجب منا أن نتضامن معها ونساندها في مواجهة محنة الزلزال المدمر".
وتابع أن "اليمنيين تربطهم علاقات محبة واحترام مع الأشقاء الأتراك، يجب أن يعمل بلدنا رسميا وشعبيا في مسعى رد الجميل لتركيا ولو بأقل الإمكانيات".
تعاطف واسع
على المستوى الشعبي، أثار زلزال تركيا موجة من التعاطف الواسع بين أفراد الشعب اليمني، وفق الصحفية اليمنية المتخصصة في الشؤون الاجتماعية والإنسانية افتخار عبده.
وقالت عبده، للأناضول، إن "اليمنيين نفذوا حملات تبرعات ومساعدات للضحايا، على الرغم من شح الإمكانات لديهم، تعبيرا عن الوفاء للمواقف التركية الإنسانية تجاه بلادهم".
وتابعت: "هذا التعاطف يوحي بشعور اليمنيين بالوجع الذي أصاب المنكوبين هناك، وهو في الوقت ذاته شعور بالامتنان تجاه ما قدمته تركيا لليمن على مدى سنوات الحرب".
وأردفت: "اليوم لسان حال اليمنيين يقول لو كان بأيدينا أن نرد لكم جميل صنعكم معنا لفعلنا، ولو كان بأيدينا أن نحمل عنكم بعض أوجاعكم لفعلنا ذلك دون تردد، لكنا نفعل ما نقدر عليه".
وهو ما أكده المواطن اليمني محمد إسماعيل، الذي قال إن "اليمنيين يعبرون بشكل دائم عن حبهم الكبير لتركيا وأبنائها، يفرحون لفرحها ويحزنون لحزنها".
وأضاف إسماعيل، للأناضول، أن "تركيا من بين الدول التي دأبت على تضميد جراح اليمنيين خلال فترة الحرب، عبر تقديم مساعدات إغاثية متنوعة، مع إقامة مشاريع تنموية خففت من الجانب الإنساني الصعب في اليمن".
وذكر أن "اليمنيين يحاولون حاليا رد الجميل لتركيا، ولو بأقل الإمكانيات، سواء عن طريق جمع تبرعات، أو المشاركة في جهود الإنقاذ، إضافة إلى التضامن الشعبي والرسمي الواسع".
ويشهد اليمن حربا منذ أكثر من 8 سنوات، أودت بحياة أكثر من 230 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من سكانه البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
المصدر: الأناضول