قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن الفرنسيين، وإن كانوا لا يحسبون أن هناك ما هو أسوأ من حالهم وهم يواجهون وباء كورونا، لا يدرون أن هناك بلدا سمه اليمن على بعد 7 آلاف كيلومتر من باريس غارقا في "معاناة لا يمكن تخيلها"، حسب لجنة الإنقاذ الدولية.
وفي افتتاحية تحت عنوان "جراح اليمن السبعة"، قالت الصحيفة إن اليمن، بعد أكثر من 15 عاما من الحروب، ما زال يضيف المحنة إلى الأخرى دون أن يكون هناك أفق لنهاية ما هو فيه من حرب أهلية وقبلية بالغة التعقيد، تفاقمت بسبب التدخل الأجنبي والفوضى التي ازدهر فيها إرهاب القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وما تولد عن ذلك من ويلات كالكوليرا والمجاعة، قبل أن تنضم إليها الآن لعنة كوفيد-19.
ومع أنه لا يزال بإمكاننا -حسب كاتب الافتتاحية فيليب جيلي- إحصاء عدد القتلى في التفجيرات والقصف في ساحة المعركة، وعلى خطوط الجبهات الأمامية البالغة 43، فإنه لم يعد بوسعنا عدّ ضحايا الجوع الذي يعاني منه 10 ملايين شخص.
أما بالنسبة لضحايا فيروس كورونا، وإن لم يتجاوز عددهم 530 شخصا رسميا، فإن تقدير عددهم الحقيقي ومدى انتشار المرض يحتاج إلى ذكاء خارق، وسط البنية التحتية الصحية المتداعية والافتقار التام للاختبارات.
ولأن جراح اليمن السبعة لم تؤد إلى هجرة جماعية وسيل من اللاجئين، فإن أوروبا توجه نظرها إلى مكان آخر، كما تشتبك القوى الإقليمية بقيادة إيران والسعودية على هذه الأرض المحايدة دون اعتبار للمدنيين.
أما الولايات المتحدة فتغض الطرف عن أخطاء الرياض باسم عدائها لطهران، في حين تظهر الأمم المتحدة مزيدا من العجز، حتى لا تكاد تقدم المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها 24 من 28 مليون يمني.
وهكذا لم يبق من مملكة سبأ القديمة، بعد أن كانت ملتقى مزدهرا لطرق التجارة وواحة خضراء في أرض ساحرة أطلق عليها القدماء "اليمن السعيد"، لم يبق منها اليوم سوى مكان مغلق تتعايش فيه جميع الأوبئة المنتشرة في هذا الكوكب.
ووسط تعثر الدبلوماسية، تدق الأمم المتحدة ناقوس الخطر، معلنة سقوط أفقر بلد في العالم العربي في الهاوية، وهكذا يعلمنا الوضع اليائس الذي يتردى فيه اليمن أن ضمير الأمم لن يستيقظ إلا عندما تكون مصالحها المباشرة على المحك.
*الجزيرة نت