قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن الغارات الجوية الإماراتية التي استهدفت قوات حكومية تابعة للرئيس هادي، أمس الخميس وأسفرت عن مقتل وجرح المئات منها تمثل تطوراً "يحدث تحولاً مربكاً للصراع اليمني المتعدد الأطراف"
وحذرت الصحيفة في تقرير لها - ترجمة "يمن شباب نت" - من أنه "وعلى نطاق أوسع، يهدد الهجوم بتصعيد التوترات الهادئة بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، الحليفين الإقليميين القويين اللذان بدت تصرفاتهما متوافقة لسنوات بخصوص شؤون مزيج من أكثر دول الشرق الأوسط تقلبًا، بما في ذلك اليمن وليبيا والسودان.
ونقلت عن قائد حكومي قالت إنه تحدث عبر الهاتف من مكان الهجوم قوله "إن 25 جنديا على الأقل قتلوا وجرح 150 في الغارات الجوية صباح يوم الخميس" وأضاف القائد أن الطائرات الحربية ضربت نفس المكان قبل 14 ساعة ولكنها لم تلحق أي إصابات.
وقالت بأنه وحتى قبل أسابيع قليلة، كان الإماراتيون يقاتلون ظاهرياً إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا التي قصفتها طائراتهم الحربية يوم الخميس الماضي.
ويقود الإماراتيون والسعوديون القتال في اليمن منذ عام 2015، عندما أرسل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قوات لإخراج الحوثيين المدعومين من إيران من شمال اليمن. لكن هذه الشراكة تعرضت لضغوط مفاجئة في يوليو بعد أن سحب الإماراتيون فجأة معظم قواتهم من اليمن.
وقد ترك الانسحاب الإماراتي السعوديين مسئولين عن جنوب اليمن، حيث تصاعد القتال بين حلفاء اليمن المنقسمين إلى حرب مفتوحة. في أوائل أغسطس، سيطر الانفصاليون المدعومون من دولة الإمارات، ويقاتلون من أجل استقلال جنوب اليمن، على عدن بعد هزيمة القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يتخذ من المملكة العربية السعودية مقراً له.
ويقول بعض الخبراء إن الغارة الجوية يوم الخميس من غير المرجح أن تتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها للعلاقة السعودية ـ الإماراتية.
وقالت إليزابيث ديكنسون، المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، في رسالة عبر االبريد الإلكتروني: "ليس هناك انقسام بين المملكة العربية السعودية والأمارات. وأضافت "التحالف مهم للغاية بالنسبة لكلا البلدين. لكن هذا لا يعني أنهم متفقون دائماً".
وتابعت بالقول بأن خلافاتهما واضحة للغاية في اليمن، حيث يوجد لدى السعوديين والإماراتيين حلفاء ومصالح ووجهات نظر مختلفة حول كيفية إنهاء النزاع المدمر الذي دفع البلد الفقير إلى حافة المجاعة.
وقالت السيدة ديكنسون إن الإماراتيين يريدون التركيز على محادثات السلام مع الحوثيين مع الاستمرار في الضغط على جيوب مقاتلي القاعدة في جنوب اليمن. فيـما يفضل السعوديون تكثيف القتال ضد الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ على المطارات وحقول النفط في جنوب المملكة العربية السعودية.
وقالت "ما قد نشهده هو المضي قدماً في التوافق المتسق مع العناوين الرئيسة لسياسة البلدان، مع تباين متزايد في التفاصيل".
وكما هو الحال في اليمن، تتولى الجماعات المسلحة المحلية معظم القتال البري.
ويوم الأربعاء، شنت قوات حكومة هادي حملة منسقة لاستعادة عدن من الانفصاليين، حيث استولت أولاً على مدينة زنجبار القريبة ثم توغلت في ضواحي عدن.
وسرعان ما زعمت القوات الحكومية أنها استولت على مطار عدن، وهو الميناء الرئيسي لدخول اليمن جواً، والقصر الرئاسي حيث تقيم حكومة هادي الضعيفة بشكل رسمي منذ عام 2015.
لكن الانفصاليين أعادوا تجميع صفوفهم في غضون ساعات، وبمساعدة التعزيزات ، استعادوا اليد العليا هنـاك . بحلول مساء الأربعاء، استعادوا مطار عدن، وصباح اليوم عادوا إلى زنجبار، حيث أبلغ السكان عن نهب واسع للمباني الحكومية والقواعد العسكرية المهجورة.
وفي بيان نادر مساء الخميس قال الرئيس هادي إن الحكومة سحبت قواتها من عدن لمنع تدمير المدينة. وحث المملكة العربية السعودية على كبح جماح الإماراتيين، الذين اتهمهم بالسعي لتقسيم اليمن، ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى إدانة الغارات الجوية الإماراتية.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود، التي تدير مستشفى الصدمات في عدن، إن المشفى استقبل 51 جريحًا في غضون بضع ساعات يوم الخميس، من بينهم 10 توفوا لدى وصولهم.
وأشارت نيويورك تايمز بالقول بأنه وإلى جانب تلك الإصابات المباشرة، فإنه لم يكن من الواضح حجم التوتر الذي فرضه القتال على التحالف السعودي ـ الإماراتي ، الذي مول معظم القتال في اليمن منذ عام 2015، أو ما قد يعنيه بالنسبة للمســار الأوسع للحرب.
وحتى وقت قريب، لعب البلدان أدوارًا مختلفة بوضوح. إذ برزت الطائرات الحربية السعودية في الحملة الجوية سيئة السمعة التي تستخدم الصواريخ الأمريكية والمساعدة اللوجستية حتى نوفمبر الماضي، وأسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين. فيما قاد الإماراتيون الحملة البرية في جنوب اليمن، وخاصة حول مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية.
لكن الإماراتيين كانوا يشككون في حكومة هادي ، ويحرصون على إظهار الانفصاليين المعروفين رسمياً باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، على أنهم حلفاء أكثر فاعلية.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول بأنه وتحت ضغوط دولية مكثفة وسط مخاوف من أن اليمن كان على شفا مجاعة كبرى، أوقف الإماراتيون الهجوم على الحديدة في ديسمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، تحاول الأمم المتحدة تنفيذ اتفاق سلام متوقف في الحديدة كما تسعى لتمهيد الطريق لإنهاء القتال عن طريق التفاوض.